responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نهاية الأقدام في علم الكلام المؤلف : الشهرستاني، محمد بن عبد الكريم    الجزء : 1  صفحة : 17

بالرتبة و الفضيلة لأن رتبة الواجب بذاته لا يكون كرتبة الواجب بغيره و ظهر أن جائز الوجود و واجب الوجود لا يكونان معا بوجه من الوجوه و اعتبار من الاعتبارات و صح القول كان اللّه و لم يكن معه شي‌ء، فما معنى قولكم الجائز دائم الوجود بالواجب أو مع الواجب، أو قدرتم دوام وجود الباري تعالى زمانيا ممتدا مع الأزمنة غير المتناهية، كما توهمتم وجود العالم زمانيا ممتدا في أزمنة لا تتناهى و بئس الوهم و همكم في الدوامين فكأنكم أخذتم لفظ الدوام بالاشتراك المحض أما دوام وجود الباري تعالى، فمعناه أنه واجب لذاته و بذاته و لا يتطرق إليه جواز و لا عدم بوجه من الوجه، فهو الأول بلا أول كان قبله و الآخر بلا آخر كان بعده و أوله آخره و آخره أوله أي ليس وجوده زمانيا، و أما العالم فله أول و دوامه دوام زماني يتطرق إليه الجواز و العدم و القلة و الكثرة و الاستمرار و الانقطاع فلو كان دائم الوجود بدوام الباري كان الباري دائم الوجود بدوام العالم، فلو كان الدوامان بمعنى واحد فيلزم أن يكون وجود الباري تعالى زمانيا أو وجود العالم ذاتيا و كلا الوجهين باطل فبطل قولكم إن العالم دائم الوجود بالواجب، و إنما يتضح هذا البطلان كل الوضوح إذا أثبتنا استحالة حوادث لا أول لها و وجود موجودات لا تتناهى.

و أما قولكم: إن العالم في المحل المتفق عليه إنما يستند إلى الموجد من حيث وجوده فقط و العدم لا تأثير له في صحة الإيجاد، قلنا و لو استند إلى الموجد من حيث وجوده فقط لاستند كل موجود و تسلسل القول إلى ما لا يتناهى و لم يستند إلى واجب وجوده بل إنما استند إليه من حيث جوازه فقط و الجواز قضية أخرى وراء الوجود و العدم ثم جواز الوجود سابق على الوجود بالذات فنقول إنما وجد به لأنه كان جائز الوجود و لا نقول: إنما كان جائز الوجود لأنه وجد فجواز وجوده ذاتي له و الوجود عرضي و الذاتي سابق على العرضي سبقا ذاتيا، ثم بينا أن الجائز مستحق العدم باعتبار ذاته لو لا موجده فكان مسبوقا بوجوده و مسبوقا بعدم ذاته لو لا موجده، لأن استحقاق وجوده عرضي مأخوذ من الغير و استحقاق عدمه ذاتي مأخوذ من ذاته فهو إذا مسبوق بوجود واجب و مسبوق بعدم جائز فتحقق له أول و الجمع بين ما له أول و بين ما لا أول له محال.

فإن قيل: فما الفرق بين وجوب العالم بإيجاب الباري تعالى و بين وجوده بإيجاد الباري تعالى، فإن العالم إذا كان ممكنا في ذاته و وجد بغيره فقد وجب به و هذا حكم كل علة و معلول و سبب و مسبب، فإن المسبب أبدا يجب بالسبب فيكون جائزا باعتبار ذاته واجبا باعتبار سببه ثم السبب يتقدم المسبب بالذات، و إن كانا معا في‌

اسم الکتاب : نهاية الأقدام في علم الكلام المؤلف : الشهرستاني، محمد بن عبد الكريم    الجزء : 1  صفحة : 17
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست