responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نهاية الأقدام في علم الكلام المؤلف : الشهرستاني، محمد بن عبد الكريم    الجزء : 1  صفحة : 11

يلزم منه وجود الاثنين ضرورة بل يمكن أن يتصور شيئان: أحدهما وجوده بذاته، و الثاني وجوده مستفاد من غيره ثم بعده، ذلك يقع البحث في أنه يستفيد وجوده منه اختيارا أو طبعا أو ذاتا، هذا معقول بالضرورة ثم يجب أن يفرض تقدم وجود المفيد على وجود المستفيد من حيث الوجود فقط من غير أن يخطر بالبال كون المفيد علة لذاته أو موجد له بصفة ثم يقع بعد ذلك التفات إلى أن الوجود المستفيد وجود واجب به لأنه علته أو لا يجب به، و ذلك لأن الوجوب بالغير لازم به فإنه يحسن أن يقال هذا قد وجد عنه، فوجب به و لا يجوز أن يقال: وجب به فوجد عنه و لكل معنى من معاني التقدم و التأخر معية في مرتبته لا يجامع التقدم و التأخر في تلك المرتبة، و يجامع في مرتبة أخرى مثاله تقدم السبب على المسبب ذاتا و وجودا أو مقارنته معا و زمانا أو مكانا، و لكن لا يجوز أن تطلق معية ما على الباري تعالى و العالم فإذا ثبت هذا قلنا أما التقدم و التأخر الزماني فيجب نفيهما عن الباري تعالى و كما لا يجوز أن يتقدم على العالم زمانا لم يجز أن يكون مع العالم زمانا فإنّا كما نفينا التقدم الزماني نفينا المعية الزمانية و مثار الشبهة و مجال الخيال هاهنا فإن فازت سفينة النظر عن هذه الغمرة فاز أهل الحق بقصب السبق في المسألة، فإن ما لا يقبل الزمان و لم يكن وجوده زمانيا لم يجز عليه التقدم و التأخر و المعية الزمانية كما أن ما لا يقبل المكان و لم يكن وجوده وجودا مكانيا لم يجز عليه التقدم و التأخر و المعية المكانية فقول الخصم إن العالم معه دائم الوجود إيهام بالزمان فيقال: يجوز أن يكون موجودان أحدهما متقدم بالذات و الآخر متأخر بالذات و يكونان معا في الزمان فإن التقدم بالذات لا ينافي المعية في الزمان كتقدم السبب على المسبب و حركة اليد على حركة المفتاح في الكم لكن إذا كان وجودهما زمانين فأما وجود لا يقبل الزمان أصلا كيف يطلق عليه معية بالزمان و ذلك كالتقدم بالمكان و المعية به، فإن السبب و المسبب قد يكونان معا في المكان و يسبق أحدهما الآخر بالذات، لكن إذا كان وجودهما مكانين فإما وجود لا يقبل المكان أصلا فكيف يطلق عليه معية بالمكان و نحن لا ننكر أن الوهم يرتمي إلى مدة مقدرة قبل العالم كما يرتمي إلى فضاء مقدر فوق العالم و ذلك وهم مجرد و خيال محض فلا قضاء و لا بينونة كما يقدره الكرامي‌ [1] و لا زمان و لا مدة كما يقدره الوهمي‌ [2] و لو قدر تقديرا عالم آخر فوق هذا العالم لم يؤد ذلك إلى تجويز عوالم هي‌


[1] نسبة إلى الكرامية.

[2] نسبة إلى الطائفة الوهمية.

اسم الکتاب : نهاية الأقدام في علم الكلام المؤلف : الشهرستاني، محمد بن عبد الكريم    الجزء : 1  صفحة : 11
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست