اسم الکتاب : مناهج اليقين في أصول الدين المؤلف : العلامة الحلي الجزء : 1 صفحة : 442
كان ذلك مصلحة دينية، و إن
تركت لا لذلك كان مصلحة دنيوية، لأن في ترك الظلم و الكذب مصلحة دنيوية، ضرورة
اشتماله على مصلحة النظام، لكن معنى ترك القبيح لقبحه هو أن الداعي الى ترك الظلم
هو كونه ظلما و ذلك من صفات القلوب.
فإن جعلنا الإمام لطفا في
ترك القبيح سواء كان لوجه قبحه او لا لوجه قبحه كان ذلك الترك مصلحة دنيوية، فيكون
الإمام لطفا في المصالح الدنيوية، و ذلك غير واجب بالاتفاق على اللّه تعالى.
و إن جعلناه في ترك القبيح
لوجه قبحه، فقد جعلنا الإمام لطفا في صفات القلوب لا في أفعال الجوارح، و ذلك
باطل، لأن الإمام لا اطلاع له على البواطن.
لا يقال: يحصل بسبب الإمام
القاهر مواظبة الناس على فعل الواجبات العقلية من أفعال الجوارح، و ذلك يفيد
استعدادا تاما لخلوص الداعي في أن ذلك الفعل يفعل لوجه وجوبه و يترك لوجه قبحه و
ذلك مصلحة دينيّة.
لأنا نقول: هذا يقتضي وجوب
اللطف في المصالح الدنيوية على اللّه تعالى، لأن على ذلك التقدير تكون المصالح
الدنيوية و المواظبة عليها سببا لرعاية المصالح الدينية و ذلك غير واجب اتفاقا.
سلمنا لكن متى يكون الإمام
من المصالح الدينية إذا كان ظاهرا نافذ الحكم أو اذا لم يكن، و ذلك لان الامام
انما يفيد الانزجار عن القبائح و الإقدام على الطاعات إذا كان قاهر اليد، أما إذا
لم يكن فلا، لكنكم لا توجبون ذلك فيما هو لطف غير واجب، و ما يوجبونه فغير لطف.
سلمنا لكن ينتقض ما
ذكرتموه بالقضاة و الأمراء، فإنهم إذا كانوا معصومين كان الناس أقرب الى الطاعة و
أبعد من المعصية، و ذلك يقتضي كون عصمة هؤلاء لطفا، فإن وجبت لزم خلاف مذهبكم و
إلا انتقض دليلكم، لكن لا نسلم ان اللطف واجب، و قد تقدم.
مناهج اليقين في أصول
الدين 443 البحث الأول ..... ص : 439
اسم الکتاب : مناهج اليقين في أصول الدين المؤلف : العلامة الحلي الجزء : 1 صفحة : 442