اسم الکتاب : المحجة البيضاء المؤلف : الفيض الكاشاني الجزء : 3 صفحة : 29
«و أما آداب التقديم
فترك التكلّف أوّلا
و تقديم ما حضر فإن لم يحضره شيء و لم يملك
شيئا فلا يستقرض لذلك فيشقّ على نفسه و إن حضره ما هو محتاج إليه لقوته و لم تسمح
نفسه بالتقديم فلا ينبغي أن يقدّمه، و كان الفضيل يقول: إنّما تقاطع الناس
بالتكلّف يدعو أحدهم أخاه فيتكلّف له فيقطعه عن الرجوع إليه، و قال بعضهم: ما
أبالي من أتاني من إخواني فإنّي لا أتكلّف له إنّما اقرّب ما عندي و لو تكلّفت له
لكرهت مجيئه و مللته.
و قال بعضهم: كنت أدخل على أخ لي فكان
يتكلّف فقلت له: إنّك لا تأكل وحدك هذا و لا أنا فما بالنا إذا اجتمعنا أكلنا ما
لا يجري العادة به، فإمّا أن تقطع هذا التكلّف أو أقطع المجيء فقطع التكلّف و دام
اجتماعنا بسببه.
و من التكلّف أن يقدّم جميع ما عنده فيجحف
بعياله و يؤذي قلوبهم و روي أنّ رجلا دعا عليّا عليه السّلام فقال: أجيئك على
ثلاثة شروط لا تدخل من السوق شيئا و لا تدّخر ما في البيت و لا تجحف بالعيال. و
كان بعضهم يقدّم من كلّ ما في بيته شيئا فلا يترك نوعا إلّا و يحضر شيئا منه. و
قال بعضهم: دخلنا على جابر بن عبد اللّه فقدّم إلينا خبزا و خلاّ و قال: لو لا
أنّا نهينا عن التكلّف لتكلّفت لكم»[1] و قال بعضهم: إذا قصدت للزّيارة
فقدّم ما حضر و إذا استزرت فلا تبق و لا تذر.
قال سلمان- رضي اللّه عنه- أمرنا رسول اللّه
صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أن لا نتكلّف للضيف ما ليس عندنا و أن نقدّم إليه ما
حضرنا»[2] و في حديث يونس على نبيّنا و عليه السلام أنّه زاره
إخوانه فقدم إليهم كسرا و جزّ لهم بقلا كان يزرعه، ثمّ قال: كلوا لو لا أنّ اللّه
عزّ و جلّ لعن المتكلّفين لتكلّفت لكم».
(1) أقول: و في الكافي بسند حسن عن الصادق
عليه السّلام قال: «المؤمن لا يحتشم من أخيه و لا يدري أيّهما أعجب الّذي يكلّف
أخاه إذا دخل أن يتكلّف له أو المتكلّف
[1] ما عثرت عليه الا من طريق سلمان في
مسند أحمد ج 5 ص 441.
[2] أخرجه الخرائطي بهذا اللفظ في مكارم
الأخلاق، و أخرجه أحمد في المسند ج 5 ص 441 و الطبراني بألفاظ مختلفة في الكبير و
الأوسط كما في مجمع الزوائد ج 8 ص 179.
المحجة
اسم الکتاب : المحجة البيضاء المؤلف : الفيض الكاشاني الجزء : 3 صفحة : 29