قلنا: لا خلاف في أنّ
القرآن الذي في أيدينا و نقلوه في العواشر و الختمات و في الصلوات و نتعلّمه و
نعلمه على ما فيه من السور و الآيات هو الذي كان في عهد الصحابة، و أنّه لم يزد
فيه شيء بعد عهد الصحابة. و إنّما ادّعى بعض الناس أنّه زيد فيه في عهد عثمان،
فلو كانت هذه الآيات زيدت في القرآن لأنكرها كثير من الصحابة و لجرى فيه من الكلام
و النزاع ما كان لا يجوز أن يخفى علينا كما لم يخف علينا ما جرى بينهم في
المعوّذتين، مع انّ الذي خالف فيهما كان عبد اللّه بن مسعود وحده، و إنّما أوجبنا
ما ذكرناه من إنكار الصحابة لذلك، لأنّهم كانوا يتديّنون بالإسلام و يعظّمون الأمر
في الزيادة في القرآن، و المتديّن بذلك لا يجوّز أن يعلم زيادة في القرآن فلا
ينكرها، سواء كان تديّنه بذلك و استعظامه له تقليدا أو احتجاجا، و على أنّه لو
كانت هذه الآيات زيدت بعده عليه السلام في القرآن لما خفي ذلك على أعدائه و
الطاعنين في نبوّته، و لكانوا يوافقون المسلمين عليها و يقولون هذه الآيات مستحدثة
و سلف المسلمين لم يعرفوها و لا سمعوها، و لكان يجري مجرى ادّعاء معجزة اليوم لم
يدّعها أحد من سلف المسلمين في أنّهم ما كانوا يمسكون عن الموافقة على حدوث الدعوى
لها، و انّها لم تعرف في سالف الاسلام. فلمّا لم يفعلوا ذلك علمنا أن هذه الآيات
مثل[1] سائر القرآن الذي كان يتلى على عهد
رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله.
و أمّا أنّهم لم يعارضوه،
فبيانه هو أنّهم لو عارضوه لوجب أن ينقل و يعلم كما نقل و علم القرآن نفسه، فلمّا
لم ينقل و لم يعلم دلّ على أنّهم لم يعارضوه. و إنّما أوجبنا نقل المعارضة لو
كانت، لأنّ من حق كلّ أمرين ظاهرين عجيبين معتدّ بهما يقعان في وقت واحد أو زمان
متقارب إذا نقل أحدهما أن ينقل الآخر، لأنّ