لشخص أولاد أو غلمان يصلح
بعضهم بالرفق، و بعضهم بالعنف، و بعضهم لا يصلح لا بالرفق و لا بالعنف.
و ممّا يتمسّك به أن يقول:
الواجب على المكلّف أن يمكن المكلّف بما كلّفه بالقدرة و الآلة و سائر وجوه
التمكين، و اذا فعل به ذلك فقد أزاح علّته و لا يجب عليه شيء آخر.
فيقال له: قولك «لا يجب
على المكلّف إلّا التمكين»، دعوى عريّة عن الحجّة. و مذهب مخالفك أنّه يجب في
حكمته تعالى التمكين و اللطف جميعا.
و نقول: اللطف داخل في
إزاحة العلة، و هو جار مجرى التمكين من الملطوف فيه.
و اعلم: أنّ اللطف ينقسم
إلى ما يكون من فعل المكلّف تعالى، و إلى ما يكون من فعل غيره. و ما يكون من قبل
غيره، فينقسم إلى ما يكون من قبل المكلّف الذي اللطف لطف له و إلى ما يكون من قبل
غيره. فما يكون من فعله تعالى يجب في حكمته تحصيله على ما بيّناه، و ما يكون من
فعل المكلّف الذي اللطف لطف له، فانّه يجب في حكمته تعالى أن يكلّفه تحصيل ذلك
اللطف.
و ذلك كتكليفه تعالى
إيّانا معارف التوحيد و العدل و التوصّل بها إلى مدحه معرفة استحقاق الثواب و
العقاب، و كتعبّده إيّانا بالشرعيّات.
و إنّما قلنا: «إنّه يجب
في حكمته أن يكلّفه ذلك الذي هو لطف له من قبله»، لأنّه كما يجب على الداعي غيره
إلى ضيافته أن يفعل ما يعلم أنّه لا يجيبه و لا يحضر ضيافته إلّا عنده، من
الاستبشار في وجهه و التجنّب عن القطوب، فكذلك إذا علم أنّه لا يجيبه إلّا إذا
التمس منه أن يحضر معه ولده او بعض أصدقائه، او يقوم ببعض ما يحتاج إليه حتى
يترتب[1] ضيافته، فانّه يجب عليه أن يلتمس منه
ذلك. و لو امتنع من ذلك الالتماس و الحال ما وصفناه،