لجرى ذلك مجرى أن يمتنع من
الاستبشار في وجهه، مع علمه بأنّه لا يجيبه إلّا مع الاستبشار، و هذا ظاهر.
و ما يكون من قبل غير
اللّه تعالى و غير المكلّف الذي اللطف لطف له، فانّما[1] يحسن منه تعالى أن يكلّفه إذا علم أنّ ذلك الغير يحصّل ذلك اللطف.
فإن علم أنّه لا يحصله، لا
يحسن أن يكلّفه الفعل الملطوف فيه.
و اعلم: أنّ اللطف الواجب
فعله أو تكليفه المكلّف إن كان من فعله إنما هو ما يحصل عنده الطاعة، لا ما يكون
مقرّبا الّا في حقّ من لا يكون له في المعلوم لطف يطبع عنده.
و تفصيل هذه الجملة أنّه
إذا كان في المعلوم أنّ لزيد مثلا لطفين: أحدهما يقرّبه إلى الطاعة و لكن لا يطيع
عنده، و الآخر يطيع عنده، فانّه إنّما يجب فعل ما يطيع عنده، و لا يجب فعل ما يكون
له حظّ التقريب فقط. و إذا كان في المعلوم أن لا لطف له يطيع عنده. و لكن في
المعلوم أنّ له لطفا يقرّ به من الطاعة، فانّه يجب فعل المقرّب في حقّه إزاحة
لعلّته، و الزيادة في الألطاف غير واجبة.
و معنى الزيادة في
الألطاف: ما يكون زيادة على اللطف الذي يطيع المكلّف عنده، كأن يعلم تعالى أنّ
زيدا، مثلا، يؤمن و يطيع عند فعل مخصوص لا محالة، و يعلم أنّه إن فعل شيئا آخر كان
داعيه إلى الطاعة أقوى و آكد، و لذلك يسهل عليه الطاعة، فذلك يكون زيادة في اللطف.
و لا يجب فعله لأنّه ليس فيه وجه وجوب، إذ المكلّف يطيع من دونه فيكون مزاح العلّة
مع فقده. و على هذا يجوز أن يخصّ اللّه تعالى بزيادة الألطاف بعض المكلّفين دون
بعض.