و قالت النسطورية: لم يكن بينهما مما زجة، و إنّما الكلمة جعلت ناسوت المسيح هيكلا و
ادّرعته ادّراعا و لذلك قالت: إنّ المسيح جوهران اقنومان.
و قالت الملكائيّة: إنّ
الاتّحاد كان بالإنسان الكليّ دون المسيح، و أنّه لذلك كان جوهرين اقنوما واحدا.
و يحكى عن بعضهم: انّ
الاتّحاد كان بأن أثرت الكلمة فيه كما تؤثّر الصورة في المرآة من غير أن تنقلب
إليه.
و عن بعضهم: أنّ معنى
الاتّحاد هو أنّ الكلمة دبّرت على يد عيسى.
و قالوا في تسبيحة إيمانهم
ما ترجمته هذا: «نؤمن باللّه الواحد الأب، مالك كلّ شيء، و بالرّبّ الواحد اليشوع
المسيح ابن اللّه الذي ولد من اللّه قبل العوالم كلّها، و ليس بمصنوع، إله حقّ من
إله حقّ، من جوهر أبيه».
فابصر هذه الخرافات التي
هذى بها أصحاب هذه المقالات. أ ترى أنّ العاقل لو خلّي و عقله و فكره يذهب إلى
شيء من هذه المقالات. فما أصدق ما قاله صلوات اللّه عليه: «كلّ مولود يولد على
الفطرت فأبواه يهوّدانه و ينصّرانه و يمجّسانه».
فنقول لهم: فأخبرونا عن اقنوم
الابن و الروح، أ هما ذات اللّه تعالى أو غيرها أو بعضها؟
فإن قالوا: هما ذات اللّه
تعالى بطل قولهم إنّه تعالى أقانيم ثلاثة.
و إن قالوا: بعضها، لزمهم
أن يكون تعالى متجزّيا مركّبا من أجزاء، فيكون وجوده معللا بأجزائه و يكون محدثا
على مذهب الفلاسفة الذين هم الأصول في مذاهب هؤلاء النصارى.
و كذلك إن قالوا: هما
غيرهما، كان الإلزام بأن يكون مركّبا من ثلاثة أشياء آكد.
و قد اختلفوا في الأقانيم،
فقال بعضهم: إنّها أشخاص، أي أعيان و ذوات،