و قال بعضهم: إنّها خواص
على معنى أنها أعراض لازمة لذاته. و قال بعضهم:
هي صفات.
فيلزم من قال إنّها خواص
أو صفات أن تكون ذاته تعالى ثلاث خواصّ، أو ثلاث صفات، و معلوم أنّ الصفة أو
الخاصّة لا قوام لها بنفسها، فيلزم أن يكون ذاته تعالى أربعة أشياء. فأمّا من قال
بأنّ الأقانيم أشخاص، فإلزامه ما سبق، و هو أن يكون مركّبا من ثلاث ذوات.
و قد ألزمهم العلماء- على
قولهم في تسبيحة إيمانهم في وصف المسيح بأنّه من جوهر اللّه- أن يكون عيسى مشاركا
لاقنوم الأب في أمر ذاتي طبيعيّ، لأنّه لا يقال في الشّيء من جوهر غيره إلّا بعد
اشتراكهما في أمر ذاتيّ. قالوا: و إذا كان عيسى الذي هو متّحد بالابن مشاركا للأب
في أمر ذاتيّ كان من جنسه، فهل ينفصل عنه فصل و يمتاز عنه بمميّز؟ إن قالوا لم
ينفصل عنه بفصل. قالوا لهم: فلم كان الأب بأن يكون أبا أولى من الابن، و لم كان
الابن بأن يكون ابنا أولى من الأب؟ و إن قالوا ينفصل عنه بفصل كما مرّ، قد قالوا
بأنّ اللّه تعالى مركّب من جنس و فصل فلا يكون ذاته بسيطا على ما يقوله الفلاسفة
الذين هم أصول مقالاتهم.
و يمكن أن يراد هذا
الإلزام من دون أن يتعرّض لاتحاد الابن بالمسيح بأن يقال: هل انفصل اقنوم الأب من
اقنوم الابن بفصل أم لا ينفصل و يتمّم الإلزام.
و يقال لليعقوبيّة على
قولهم: «بالممازجة و إن حصل شيء ثالث من الممازجة»: ليس يخلو اللاهوت و الناسوت
بعد الممازجة، إمّا أن يكونا على حالهما كما كانا قبل الممازجة، فيكون ذلك قول
النسطوريّة؛ و إمّا أن يكون كلّ واحد منهما أبطل الآخر و أخرجه عمّا كان عليه،
فيلزمهم أن يكون المسيح لا قديما و لا محدثا و لا إلها و لا غير إله، إذ حصل شيء
ثالث عندهم ليس بإنسان