و أول من ابتعثه أورمزد
إلى الأرض: كيومرث، و قد كان يستنشق النسيم ثلاثة آلاف سنة، ثم أخرجه في قامة
ثلاثة رجال. و لما أن جاء وقت تحريك إبليس في ظلمته، ارتفع و رأى النور، و طمع في
الاستيلاء على «أسنى أورمزد» و تصييره مظلما.
و دخل السماء يكيد ثمّ
لكيومرث ثلاثين سنة، و صارت نطفته ثلاثة أقسام: قسم أمر اللّه الأرض أن تحفظه. و
قسم أمر سروس الملك أن يحفظه. و ثلث اختطفته الشياطين.
و أمر أورمزد بسد الثقوب
التي صعد منها إبليس، فبقي داخل السماء منقطعا عن أصله و قوته، فانتصب لمنابذة
أورمزد، و رام الصعود إلى الجنان، فدفعه عن ذلك قدر ثلاثة آلاف سنة، ثم أعلمه أنه
يسعى في الباطل و الخسار، و يروم ما لا يقدر عليه.
و اتفق الأمر بينهما على
أن يبقى إبليس و جنوده في قرار الضوء تسعة آلاف سنة، و يروى سبعة آلاف سنة، ثم
يبطل، و يحتمل خلقه الأذى في هذه السنين، و يصبرون عليه و على ما ينالهم من الفقر،
و البلاء و الموت و سائر الآفات، ليعوضهم منها الحياة الدائمة في الجنان.
و اشترط إبليس لنفسه و
شياطينه ثمانية عشر شرطا:
الأول منها: أن تصير معيشة
خلقه من خلق اللّه. و الثاني: أن يكون ممن خلقه على خلق اللّه. و الثالث: أن يسلط
خلقه على خلق اللّه. و الرابع: أن يخلط جوهر خلقه بجوهر خلق اللّه. و الخامس: أن
يصير له السبيل إلى أن يأخذ الطين الذي في خلق اللّه.
و السادس: أن يصير له من
النور الذي في خلق اللّه ما يريد. و السابع: أن يصير له من الرياح التي في خلق
اللّه حاجته. و الثامن: أن يصير له من الرطوبة التي في خلق اللّه. و التاسع: أن
يصير له من النار التي في خلق اللّه. و العاشر: أن يصير له من المودة و المصاهرة
التي في خلق اللّه ليخلط الأشرار بالأخيار. و الحادي عشر: أن يصير له من العقل و
البصر الذي في خلق اللّه ليعرف خلقه مسالك المنافع و المضار، و الثاني عشر: أن
يصير له من العدل الذي في خلق اللّه ليجعل للأشرار فيه نصيبا، و الثالث