و لما بلغ زردشت مبلغ
الكمال بأربعين سنة، و تمت له المخاطبات في سبع عودات إلى أورمزد، أكمل فيها معرفة
شرائع دين اللّه و فرائضه و سننه، أمره اللّه بالمسير إلى كشتاسب الملك، و إظهار
ذكر اللّه و اسمه. فنفذ لأمر اللّه و دعا ملكين كانا بذلك الصقع يقال لهما:
فوربماراي، و بيويدست، فدعاهما إلى دين اللّه و الكفر بالشيطان، و فعل الخير، و
اجتناب الشر، فلم يقبلا قوله، و أخذتهما العزة بالإثم. فجاءتهما ريح فحملتهما من
الأرض، و وقفت بهما في الهواء، و اجتمع الناس ينظرون إليهما، فغشيهما الطير من كل
ناحية، و أتوا على لحومهما، و سقطت عظامهما على الأرض.
و لما بلغ كشتاسب لقي منه
كل ما أنبأه به أورمزد من الحبس و البلاء، حتى حدث أمر الفرس الذي دخلت قوائمه في
باطن بدنه، حتى لم ير أثرها في جسده، و استبهم حاله على الناس و خيروا. و أخرجه
كشتاسب من الحبس و سأله الحال، فقال:
تلك آية من آيات صدقي الذي
أخبرني به إلهي و خالقي، و شارطهم على الإيمان به إن هو دعا و أخرج قوائم الفرس و
شرطوا، و دعا باسم اللّه، فخرجت قوائم الفرس كما كانت. فآمن به كشتاسب. و أمر بجمع
علماء أهل زمانه من بابل، و إيران شهر، و أمرهم بمحاورة زردشت فناظروه فاعترفوا له
بالفضيلة.
قال: و مما جاء به زردشت
المصطفى من دين مارسيان أن إلهه أورمزد لم يزل و لم يزل معه شيء سماه: أسنى أسنه،
و هو شيء مضيء حوله و هو فوق. و أن إبليس لم يزل معه شيء سماه: أستا أستاه، و
هو مظلم حوله، و هو أسفل.
و أول ما خلق اللّه من
الملائكة بهمن، ثم أرديبهشت، ثم شهريور، ثم إسفندارمز، ثم خرداد، ثم مرداد. و خلق
بعضهم من بعض كما يؤخذ السراج من السراج من غير أن ينقص من الأول شيء، و قال لهم:
من ربكم و خالقكم؟ فقالوا:
أنت ربنا و خالقنا. و علم
أورمزد أن إبليس سيتحرك من ظلمته، فأعلم بذلك الملائكة، و بدأ بإعداد ما يورطه، و
يدفع شره و أذاه عن عالمه، و يبطل إرادته. فخلق السماء في خمسة و أربعين يوما، و
سمي كاهينازى شورم. و معناه: ظهور ضمائر أهل الدنيا، إلى سائر الكاهينازات
المذكورات عندهم، و خلق الأرض في خمسة و أربعين يوما.