هذا الكتاب. و هم منقسمون
بالقسمة الصحيحة الأولى إلى أهل الديانات و الملل، و أهل الأهواء و النحل.
فأرباب الديانات مطلقا مثل
المجوس، و اليهود، و النصارى، و المسلمين.
و أهل الأهواء و الآراء
مثل الفلاسفة، و الدّهرية[1]، و الصابئة[2]، و عبدة الكواكب و الأوثان، و البراهمة[3].
و يفترق كل منهم فرقا.
فأهل الأهواء ليست تنضبط مقالاتهم في عدد معلوم.
و أهل الديانات قد انحصرت
مذاهبهم بحكم الخبر الوارد فيها. فافترقت المجوس على سبعين فرقة. و اليهود على إحدى
و سبعين فرقة. و النصارى على اثنتين و سبعين فرقة. و المسلمون على ثلاث و سبعين
فرقة. و الناجية[4] أبدا من الفرق واحدة، إذ الحق من
القضيتين المتقابلتين في واحدة، و لا يجوز أن يكون قضيتان متناقضتان متقابلتان على
شرائع التقابل إلّا و أن تقتسما الصدق و الكذب. فيكون الحق في إحداهما دون الأخرى
و من المحال الحكم على المتخاصمين المتضادين في أصول المعقولات بأنهما محقان
صادقان.
و إذا كان الحق في كل
مسألة عقلية واحدا؛ فالحق في جميع المسائل يجب أن يكون مع فرقة واحدة. و إنما
عرفنا هذا بالسمع و عنه أخبر التنزيل في قوله عزّ
[1] الدهري: الملحد
الذي لا يؤمن بالآخرة القائل ببقاء الدهر و هو مولّد.
[2] الصابئون: جمع صابئ
و هو من انتقل إلى دين آخر. و كل خارج من دين كان عليه إلى آخر غيره سمي في اللغة
صابئا. كانوا يعبدون النجوم و الكواكب. (راجع مجمع البيان 1: 126 و القرطبي 1: 380
و ابن خلدون 1: 116).
[3] في القرن الثامن
قبل الميلاد أطلق على الديانة الهندوسية اسم «البرهمية» نسبة إلى «برهما» و هو في
اللغة السنسكريتية معناه «اللّه» و رجال دين الهندوس يعتقدون أنه الإله الموجود
بذاته الذي لا تدركه الحواس و إنما يدرك بالعقل و هو الأصل الأزلي المستقل الذي
أوجد الكائنات كلها و منه يستمد العالم وجوده و يعتقد الهندوس أن رجال هذا الدين
يتّصلون في طبائعهم بعنصر «البرهما» و لذلك أطلق عليهم اسم «البراهمة». (راجع
الأديان و الفرق و المذاهب المعاصرة ص 45).
[4] سيشرحها النبي صلى
اللّه عليه و سلّم بعد أسطر قليلة.