responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأربعين في اصول الدين المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 131

من الشدائد. و يحتاج المطيع إلى الصبر في ثلاث أحوال: أحدها: أول العبادة بتصحيح الإخلاص، و الصبر عن شوائب الرياء و مكايد الشيطان، و مكايد النفس و غرورها.

الثانية: حالة العمل كيلا يتكاسل عن تحقيق أدائه بفروضه و سننه، و يوقع على شرط الأدب مع حضور القلب و نفي الوسواس. الثالثة: بعد الفراغ، و هو أن يصبر عن ذكره و إفشائه للتظاهر به رياء و سمعة. و كل ذلك من الصبر الشديد على النفس.

القسم الثاني المعاصي: و قد قال صلى اللّه عليه و سلم: «و المجاهد من جاهد هواه، و المهاجر من هجر السوء»، و الصبر عن المعاصي أشدّ، لا سيما عن معصية صارت عادة مألوفة، إذ يتظاهر فيه على بواعث الدين جندان: جند الهوى، و جند العادة. فإن انضم إلى ذلك سهولة و خفة المئونة فيه، لم يصبر عنها إلا الصدّيق؛ و ذلك كمعاصي اللسان، فإنها هيّنة سهلة؛ و ذلك كالغيبة و الكذب و المراء و الثناء على النفس. و يحتاج في دفع ذلك إلى أشد أنواع الصبر.

القسم الثالث: ما لا يرتبط باختيار العبد، و لكن له اختيار في دفعه و تداركه، كالأذى الذي يناله من غيره بيد أو لسان. فالصبر على ذلك بترك المكافاة تارة يجب، و تارة يستحب. قال بعض الصحابة: ما كنا نعد إيمان الرجل إيمانا إذا لم يصبر على الأذى. قال اللّه عز و جل: وَ لَنَصْبِرَنَّ عَلى‌ ما آذَيْتُمُونا، وَ عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ‌ [إبراهيم: 12]. و قال اللّه تعالى: وَ دَعْ أَذاهُمْ وَ تَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ‌ [الأحزاب: 48].

و قال تعالى: وَ لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ، فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ كُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ‌ [الحجر: 97].

القسم الرابع: ما لا يدخل أوله و آخره تحت الاختيار، كالمصائب بموت الأعزّة، و هلاك الأموال، و المرض، و ذهاب بعض الأعضاء، و سائر أنواع البلاء، و الصبر عليه من أعلى المقامات. قال ابن عباس- رضي اللّه عنه-: الصبر في القرآن على ثلاث مقامات: صبر على أداء الفرائض و له ثلاثمائة درجة، و صبر على محارم اللّه تعالى و له ستمائة درجة، و صبر على المصيبة عند الصدمة الأولى و له تسعمائة درجة. و قال صلى اللّه عليه و سلم:

قال اللّه تعالى: «إذا ابتليت عبدي ببلاء فصبر و لم يشتك إلى عوّاده أبدلته لحما خيرا من لحمه، و دما خيرا من دمه، فإن أبرأته أبدلته و لا ذنب له، و إن توفيته فإلى رحمتي». و قال النبي- عليه السلام-: «قال اللّه تعالى: إذا وجهت إلى عبد من عبيدي مصيبة في بدنه أو

اسم الکتاب : الأربعين في اصول الدين المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 131
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست