responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح المقاصد المؤلف : التفتازاني، سعد الدين    الجزء : 1  صفحة : 52

لقد خفيت على الملائكة حكمة اللّه سبحانه و تعالى في بناء هذه الأرض و عمارتها، و في تنمية الحياة و تنوعها، و في تحقيق إرادة الخالق، و ناموس الوجود في تطويرها و ترقيتها و تعديلها على يد خليفة اللّه في أرضه هذا الذي قد يفسد أحيانا، و قد يسفك الدماء أحيانا ليتم من وراء هذا الشر الجزئي الظاهر خير أكبر و أشمل، خير النمو الدائم، و الرقي الدائم خير الحركة الهادمة البانية، خير المحاولة التي لا تكف، و التطلع الذي لا يقف و التغيير و التطوير في هذا الملك الكبير.

عندئذ جاءهم القرار من العليم بكل شي‌ء، و الخبير بمصائر الأمور.

قال: إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ‌.

و أيضا الجدل الذي تم بين أبناء آدم.

قال تعالى:

وَ اتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَ لَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قالَ: لَأَقْتُلَنَّكَ قالَ: إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ. لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ‌ [1].

لقد حكم أحدهما رغباته و شهواته، و الرغبة تعمي و تصم. و كما قال (اسبينوزا): «إن الرغبة هي التي ترينا الأشياء مليحة لا بصيرتنا».

و الحقيقة أن القارئ لتاريخ البشرية يرى أن هذه الرغبة لم يخل منها عصر من العصور، و لا جيل من الأجيال.

فلما كانت دولة اليونان القديمة ظهر فيها علم المنطق و الجدل فوضعوا لهما الأصول و قعدوا لهما القواعد. و كان العقلاء منهم ينظرون إلى الجدل نظرة اشتباه و إنكار و هو الذي سموه- بعد- بالسفسطة أو ترفّقوا فسموه علم البراهين الخطابية، و حسبوه صناعة لازمة في معرض الإقناع و التأثير.


[1] سورة المائدة آية رقم 27- 28.

اسم الکتاب : شرح المقاصد المؤلف : التفتازاني، سعد الدين    الجزء : 1  صفحة : 52
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست