حيوان بالإمكان العام، و قد تكذب كقولنا: الإنسان حيوان بالإمكان
الخاص، و إنما لم يقتصروا على المواد، بل تجاوزوا إلى الجهات، بما لها من
التفاصيل، لأن الغرض من معرفة القضايا تركيب الاقيسة لاستخراج النتائج، و هي لا
تحصل من المقدمات بحسب موادها الثابتة[1]في
نفس الأمر، بل بحسب جهاتها المعتبرة عند العقل، ثم كلامهم متردد في أن المعتبر في
المادة، هو الربط الإيجابي حتى تكون مادة نسبة الحيوان إلى الإنسان هو الوجوب،
سواء قلنا: الإنسان حيوان، أو ليس بحيوان، أو أعم من الإيجابي و السلبي، حتى تكون
المادة في قولنا: الإنسان حيوان هو الوجوب الذاتي[2]و في قولنا: الإنسان ليس بحيوان هو الامتناع، و الأظهر الأول. ثم
المحققون على أن في كل قضية الوجود، و اللاوجود رابطة، و الوجوب و الامتناع و
الإمكان جهة سواء، صرح بها[3]أو
لم يصرح. و سواء كان المحمول أحد هذه الامور أو غيرها. حتى إن قولنا: الباري تعالى
واجب و موجود في معنى يوجد واجبا، و يوجد موجودا، و قولنا:[4]اجتماع النقيضين ممتنع و معدوم، في معنى يوجد ممتنعا و معدوما، أو لا
يوجد ممكنا و موجودا.
و قولنا: الإنسان ممكن و موجود في معنى يوجد ممكنا و موجودا، فاذا
كان المحمول أحد هذه الأمور تتعدد الاعتبارات، أي يعتبر وجود هو المحمول و آخر هو
الرابطة. و وجوب أو امتناع أو إمكان هو المحمول، و آخر هو الجهة، و تكون نسبة كل
من الوجوب و الامتناع و الإمكان إلى موضوعاتها بالوجوب إذا أخذت ذاتية، و إذا أخذ
الوجوب و الامتناع غيريين، فبالإمكان و ممكن الوجود لغيره يجب أن يكون ممكن الوجود
في نفسه، و ممكن الوجود في نفسه قد يجب وجوده للغير كلوازم الماهية، و قد يمتنع
كالذوات المستقلة، و قد يمكن كسواد الجسم. و هذا معنى قولنا: كل ممكن لغيره، ممكن
الوجود في نفسه من غير عكس.