كان مشاركا لها في وقوع الوجود المطلق عليها، وقوع لازم خارجي غير
مقوم، و هذا لا يوجب التركيب و لا الافتقار. كما أنكم إذا جعلتموه ماهية موجودة
فكونه أخص من مطلق الماهية و الموجود لم يوجب احتياجه[1]كيف و المطلق اعتباري محض؟ و حين اعترض بأنه لم لا يجوز أن تكون تلك
الحقيقة المخالفة لسائر الحقائق المتحققة بنفسها الغنية عما سواها أمرا غير الوجود
..؟ أجابوا: بأن المتحقق بنفسه الغني عما سواه لا يجوز أن يكون غير الوجود لأن
احتياج غير الموجود في التحقق إلى الوجود ضروري. و حين اعترض بأن الوجود مفهوم
واحد لا يتكثر و لا يصير حصة حصة إلا بالإضافة إلى الماهيات كبياض هذا الثلج[2]و ذاك، إذ لا معنى للمقيد دون[3]المطلق مع قيد الإضافة. أجابوا بمنع ذلك بل الوجودات حصص مختلفة و
حقائق متكثرة بأنفسها، لا بمجرد عارض الإضافة لتكون متماثلة متفقة الحقيقة، و لا
بالفصول ليكون الوجود المطلق جنسا لها، بل هو عارض لازم لها كنوز الشمس و نور
السراج، فإنهما مختلفان بالحقيقة و اللوازم مشتركان في عارض النور و كذا بياض
الثلج و العاج، بل كالكم[4]و
الكيف[5]المشتركين في العرضية، بل الجوهر و العرض المشتركان في الإمكان و
الوجود، إلا أنه لما لم يكن لكل وجود اسم خاص كما في أقسام
[1]حاصل ما ذكروا التزام أن الوجود
حقائق متباينة في أنفسها لا يتوقف تباينها و تحققها على الماهيات. حتى يلزم افتقار
الوجود إلى الماهية و أن ما يتوهم من الاتحاد في الحقيقة ليس كذلك، و سببه الأسامي
و سند ذلك سائر حقائق المشكل.
[4]الكم في الرياضيات: هو المقدار، و هو
ما يقبل القياس، و عند ابن سينا: كم متصل، و كم منفصل، و كمية الحد في المنطق ما
صدقه. و الحدود تنقسم بحسب الكم إلى كلية: و هي التي لا يمنع مفهومها أن يشترك
فيها كثيرون. و جزئية: و هي التي لا تشمل إلا عددا معينا من الأفراد.
و مفردة: و هي التي لا تصدق إلا على فرد واحد كزيد المشار إليه. و
الكم: في علم ما بعد الطبيعة مقابل الكيف و هو من مقولات العقل الأساسية.
[5]الكيفية: اسم لما يجاب به عن السؤال
بكيف. كما أن الكمية: اسم لما يجاب به عن السؤال بكم. و هي إحدى مقولات أرسطو و قد
عرفها القدماء بقولهم الكيف: هيئة قارة في الشيء لا يقتضي قسمة و لا نسبة لذاته.