اسم الکتاب : الإقبال بالأعمال الحسنة - ط الحديثة المؤلف : السيد بن طاووس الجزء : 3 صفحة : 58
فعاشوا من موت الجهل و ظفروا بفوائد العقل و النقل.
ثمّ دعاه اللَّه جلّ جلاله
إلى لقائه و خلّف فيهم نور اهتدائه من يقوم لهم مقامه بعد انتقاله إلى دار بقائه،
و يحفظ عليهم شريعته و أحكامه، فخذلوا القائم مقامه، حتى انتقل اليه مقتولا
مظلوما، و اختلفوا على من قام مقامه ثانياً، حتّى مضى إلى ربّه مقتولًا مسموما.
ثم بقي فيهم الثالث
فعرّفهم انه سيّد شباب أهل الجنّة، و شرّفهم بما للَّه جلّ جلاله و لرسوله عليه
السلام عليهم في ذلك من المنّة، و كان جواب اللّه جلّ جلاله منهم على ذلك الانعام
و جزاء محمد صلوات اللّه عليه على الشفاعة فيهم و القيام بهم و الاهتمام، انّهم
كاتبوه و أخرجوه من أوطانه و أخافوه بعد امانه، و اتّخذوا الدعاة إلى أصنامهم، و
الّذين كانوا من أسباب استحقاق اصطلامهم، ائمّة لضلالهم و قادة إلى دار هلاكهم و
وبالهم.
و شرعوا إلى عداوة الداعي
لهم إلى السلامة و الهادي إلى دار الكرامة و دوام الإقامة، و أقبلوا مع عدوّ اللّه
و عدوّهم يريدون قتل ابن بنت رسولهم و نبيّهم، و هم يعلمون انّه قطعة من لحم جسده
و بضعة من فؤاده و كبده.
فادّكرهم صلوات اللّه عليه
بالحقوق السّالفة و الحاضرة، و ما للّه جلّ جلاله بجدّة و أبيه و به، من النعم
الباطنة و الظاهرة، فعادوا إلى العمى الّذي كانوا عليه و لم يلتفتوا إليه، فسألهم
أن يتركوه حيّاً للدنيا كسائر الأحياء و الّا يكونوا له و لا عليه في نصرة
الأعداء، فأبوا الّا ان يبيحوا ما حماه اللّه جلّ جلاله من محارمه، و يسعوا في سفك
دمه. فغضب اللّه جلّ جلاله عليهم، فدعاه إلى شرف السعادة بالشهادة، و ان يتركهم و
ما اختاروه من ضلال الإرادة.
فأسرعوا و سعوا إلى حمى
اللّه جلّ جلاله ليهتكوه، و إلى دم رسوله الجاري في أعضاء ولده ليسفكوه، و أقدموا
على نائب اللّه جلّ جلاله فيهم لمّا دعاهم لما يحييهم، يريدون قتله عمداً و يأتون
ما يكاد السَّماوات يتفطّرن منه و تنشقّ الأرض و تخرّ الجبال هدّاً.
و أدركت السعادة قوما
ليحولوا بينهم و بين ما أقدموا عليه، و غضبوا للّه جلّ جلاله لما
الإقبال بالأعمال الحسنة
اسم الکتاب : الإقبال بالأعمال الحسنة - ط الحديثة المؤلف : السيد بن طاووس الجزء : 3 صفحة : 58