اسم الکتاب : الإقبال بالأعمال الحسنة - ط الحديثة المؤلف : السيد بن طاووس الجزء : 3 صفحة : 108
أن يلزمه أهل مكة فيخبرهم عنه، و هو رجل جبان، فيؤخذ النبي صلّى
اللَّه عليه و آله و يذهب الإسلام بكماله، لأنّ أبا بكر أراد بكر أراد الهرب من
مكّة و مفارقة النبي عليه السلام قبل هجرته، على ما ذكره الطبري في حديث الهجرة،
فقال ما هذا لفظه:
«و كان أبو بكر كثيراً ما
يستأذن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله في الهجرة و يقول له رسول اللَّه صلّى
اللَّه عليه و آله: لا تعجل.»[1] أقول: فإذا كان قد أراد
المفارقة قبل طلب الكفّار، فكيف يؤمن منه الهرب بعد الطلب، و كان أخذه معه حيث
أدركه من الضّرورات الّتي اقتضاها الاستظهار في حفظ النبي صلوات اللَّه عليه و
سلامه، من كشف حاله لو تركه يرجع عنه في تلك الساعة، و قد جرت العادة ان الهرب مقام
تخويف يرغب في الموافقة عليه قلب الجبان الضعيف، و لا روى فيما علمت انّ أبا بكر
كان معه سلاح يدفع به عن النّبي صلوات اللَّه عليه و لا حمل معه شيئاً يحتاج إليه.
و ما ادري كيف اعتقد
المخالفون انّ لهذا الرجل فضيلة في الموافقة في الهرب، و قد استأذنه مراراً ان يهرب،
و يترك النبي عليه السلام في يد الأعداء الذين يتهدّدونه بالعطب ان اعتقاد فضيلة
لأبي بكر في هذا الذلّ من أعجب العجب.
و منها: التكسّر على النبي
صلّى اللَّه عليه و آله بجزع صاحبه في الغار، و قد كان يكفي النبي صلّى اللَّه
عليه و آله تعلّق خاطره المقدس بالسلامة من الكفار، فزاده جزع صاحبه شغلًا في
خاطره المقدس، و لو لم يصحبه لاستراح من كدر جزعه و اشتغال سرائره.
و منها: انّه لو كان حزنه
شفقة على النبي صلّى اللَّه عليه و آله، أو على ذهاب الإسلام، كان قد نهى عنه، و
فيه كشف انّ حزنه كان مخالفا لما يراد منه.
و منها: انّ النّبي صلوات
اللَّه عليه ما بقي يأمن ان لم يكن أوحى إليه انّه لا خوف عليه ان يبلغ صاحبه من
الجزع الذي ظهر عليه، الى ان يخرج من الغار و يخبر به الطالبين له