اسم الکتاب : الإقبال بالأعمال الحسنة - ط الحديثة المؤلف : السيد بن طاووس الجزء : 3 صفحة : 107
و منها: التنبيه على انّ الّذي صحبه إلى الغار- على ما تضمّن[1] وصف صحبته في الاخبار- يصلح في
تلك الحادثات الّا للهرب و لأوقات الذل و الخوف من الاخطار الّتي يصلح لها مثل
النّساء الضّعيفات، و الغلمان الّذين يصيحون في الطرقات عند الهرب من المخافاة، و
ما كان يصلح للمقام بعده ليدفع عنه خطر الأعداء، و لا ان يكون معه بسلاح و لا قوة
لمنع شيء من البلاد.
و منها: انّ الطبري في
تاريخه و أحمد بن حنبل رويا في كتابيهما انّ هذا الرّجل المشار اليه ما كان عارفا
بتوجّه النّبي صلوات اللَّه عليه، و انّه جاء إلى مولانا علي عليه السلام فسأله
عنه، فأخبره أنه توجّه فتبعه بعد توجّهه حتّى تظفر به، و تأذّى رسول اللَّه صلّى
اللَّه عليه و آله بالخوف منه، لمّا توجه لما تبعه و عثر بحجر ففلق قدمه.
فقال الطبري في تاريخه ما
هذا لفظه:
«فخرج أبو بكر مسرعا و لحق
نبي اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله في الطريق، فسمع النبي جرس أبي بكر في ظلمة
الليل، فحسبه من المشركين، فأسرع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله يمشي،
فانقطع[2] قبال نعله، ففلق إبهامه حجر و
كثر دمها، فأسرع المشي فخاف أبو بكر ان يشقّ على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و
آله فرفع صوته و تكلم، فعرفه رسول اللَّه، فقام حين أتاه، فانطلقا و رجل رسول
اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله تشرّ[3] دماً حتّى انتهى إلى الغار مع
الصبح، فدخلاه و
أصبح الرهط الّذين كانوا
يرصدون رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله فدخلوا الدّار، فقام علي عليه السلام
عن فراشه، فلمّا دنوا منه عرفوه، فقالوا له: اين صاحبك؟ قال: لا أدري، أو رقيبا
كنت عليه أمرتموه بالخروج، فخرج، فانتهروه[4]
و ضربوه و أخرجوه إلى المسجد، فحبسوه ساعة ثم تركوه و نجى رسول اللَّه صلّى اللَّه
عليه و آله.»[5].
أقول: و ما كان حيث لقيه
يتهيّأ أن يتركه النبي صلّى اللَّه عليه و آله و يبعد منه خوفا