اسم الکتاب : الإقبال بالأعمال الحسنة - ط الحديثة المؤلف : السيد بن طاووس الجزء : 3 صفحة : 106
أقول: فهو يوم صومه منقول و فضله مقبول، فصمه على قدر الفوائد بالشكر
على سلامة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و ما فتح بالمهاجرة من سعادة الدنيا
و المعاد، و يحسن ان تصلّي صلاة الشكر الّتي نذكرها في كتاب السعادات بالعبادات
الّتي ليس لها أوقات معيّنات و تدعوا بدعائها، فإنه يوم عظيم السعادة، فما احقّه
بالشكر و الصدقات و المبرّات.
و قال جدّي أبو جعفر
الطوسي رضي اللَّه عنه في المصباح: «ان هجرته كانت ليلة الخميس أول شهر ربيع
الأول»[1].
و الظاهر انّه توجّهه من
مكة إلى الغار كان ليلا و لم يكن بالنّهار، لانّ الخائف الذي يريد ستر حاله ما
يكون سفره نهارا من بين أعدائه المتطلعين على أعماله، و لانّ مبيت مولانا على
صلوات اللَّه عليه على فراشه يفديه بمهجته شاهده انّ التوجه كان ليلا بغير شك في
صفته، و قال المفيد في التواريخ الشرعية: ان الهجرة كانت ليلة الخميس أول ربيع
الأول.
و لعل ناسخ كتاب الحدائق
غلط في ذكره اليوم عوض الليلة، أو قد حذف الليلة كما قال اللَّه تعالى «وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ»[2]،
أراد أهل القرية[3].
ذكر ما فتحه اللَّه علينا
من أسرار هذه المهاجرة و ما فيها من العجائب الباهرة:
منها: تعريف اللَّه جلّ
جلاله لعباده لو أراد قهر أعداء رسوله محمّد صلّى اللَّه عليه و آله ما كان يحتاج
إلى مهاجرته ليلا على تلك المساترة، و كان قادراً ان ينصره و هو بمكّة من غير
مخاطرة بآيات و عنايات باهرة، كما انّه كان قادراً ان ينصر عيسى بن مريم علي
اليهود بالآيات و العساكر و الجنود، فلم تقتض الحكمة الإلهية الّا رفعه إلى السماوات
العلية، و لم يكن له مصلحة في مقامه في الدنيا بالكليّة، فليكن العبد راضياً بما
يراه مولاه له من التّدبير في القليل و الكثير، و لا يكن اللَّه جلّ جلاله دون
وكيل الإنسان في أموره الّذي يرضى بتدبيره، و لا دون جاريته أو زوجته في داره
الّتي يثق إليها في تدبير إيثاره.