فصل فيما نذكره مما
اشتمل عليه دعاء أم داود شرفها الله بالعنايات من الآيات الطاهرات
اعلم أن هذه الحكاية
المشهورة و الضراعة المبرورة قد اشتملت على عدة آيات و معجزات و كرامات و عنايات
فمن الآيات ما ظهر من سرعة الإجابة على بساط الإنابة فهو في حكم الآية الباهرة
لقدرة الله جل جلاله القاهرة و المعجزة لمحمد ص و تصديق رسالته الطاهرة و من
المعجزات أن سرعة إجابتها على مرادها من حاجتها [حاجاتها] فيه تصديق للقرآن الشريف
بإجابة الداعي إذا دعاه و تصديق رسوله [رسول الله] ص الذي أتى به القرآن و وعاه
[دعاه] و رعاه و من المعجزات تعريف الصادق عن الله جل جلاله بأسرار الدعاء المشار
إليه قبل إظهار أسراره و تصديق الله جل جلاله بما تفضل به سبحانه من مباره و مساره
و من العنايات بجدنا داود و أمه جدتنا رضوان الله جل جلاله عليهما و ظهور توفيقهما
و العناية بنا بطريقهما تعريف جدنا داود و هو بالعراق جواب دعاء والدته بالمدينة
الشريفة في سرعة تلك الأوقات اللطيفة و من العنايات بها أن هذا السر الإلهي المودع
في هذا الاستفتاح كان مصونا عند أهل الفلاح حتى وجد مولانا الصادق ع و أودعه أمنا
أم داود رضوان الله عليها و عليه و وجدها أهلا لإيداع هذا السر لصدرها و برهانا
على رفع قدرها و آية في صلاح أمرها و جبر كسرها و من العنايات بها أن الله جل
جلاله جعل جدتنا أم داود أهلا أن يظهر آياته على يديها و ينسب معجزات رسوله ع
[رسول الله] إليها و من العنايات بها أن أم موسى ع خصها الله جل جلاله بالوحي
إليها و وقفها من سلامة ولدها و الشفقة عليه و عليها و قال جل جلاله إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْ لا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها و ما كانت لما ألقته في البحر قد علمت أنه حصل ولدها في يد الأعداء
بل في وديعة ربها و أم داود لم تكن ممن يحصل لها الأنس بالوحي إليها و لا الثقة
بسلامة ولدها و إعادته عليها و ربط الله جل جلاله على قلبها عند ظفر الأعداء
بولدها و هو واحدها و قطعة كبدها أقول و أم موسى ع أفضل من أم داود في غير هذه
العنايات و أبلغ في السعادات لتخصيص الله جل جلاله بالوحي إليها و لقبولها و إلقاء
ولدها إلى هول البحر بيديها و لأجل ولادتها لموسى ع العظيم الشأن و صيانتها لأسرار
الله تعالى في السر و الإعلان و من العنايات بها أنها لم تتشبث [تتسبب] في تخليص
ولدها العزيز عليها بأهل الدنيا المعظمين و لا بالذل للملوك و السلاطين و قنعت
بالله رب العالمين و من العنايات بولدها و بها قول مولانا علي ع عن جدنا داود في
المنام أنه ولده و من العنايات به و بها أنه قد كان مع جدنا داود جماعة في الحبس
من قومه صالحين فاختص [فاختصه] بهذه الشفاعة من دونهم أجمعين و من العنايات بها
قول النبي ص لولدها يا ابن العجوزة الصالحة و هذه شهادة منه ص لها بالصلاح و سعادة
صريحة واضحة راجحة و ما قال ع بعد وفاته فهو كما قال في حياته و من العنايات بها
ما أراها في المنام عقيب الدعاء بغير إهمال من صورة الملائكة و الأنبياء و
الأولياء و من بشرها منهم بإجابة الدعاء و الابتهال على وجه ما عرفت أنه جرى
لغيرها مثله عند مثل تلك الحال و من العنايات بها أن ابتداء ظهور هذه السنة الحسنة
بطريقها يقتضي أن كل من عمل بها و سلك سبيل توفيقها ثواب عمله في ميزانها و رافعا
من [عن] علو شأنها و من العنايات بها أن كل حاجة انقضت بهذه الدعوات مع استمرار
الأوقات فإنها من جملة [جهة] الآيات لله جل جلاله و المعجزات لرسوله ص و الكرامات
للصادقين عليهم أفضل الصلوات فنور هذه المنقبة باق مع بقاء العاملين [العالمين]
بها و الموفقين لها و من العنايات بها أنه قد ظهر أدعية و سنن مأثورة على يد أمم
كثيرة و ذوي همم صغيرة و كبيرة و مع ذلك فلم يستمر الاهتمام بالعمل بها و القبول
لها كما استمر العمل بهذا الدعاء على اختلاف الأوقات إلى هذه الغايات و من
العنايات بها أن الملوك الذين أطفئوا أنوارا كثيرة من الأشرار و الأخيار لم يمكنهم
الله جل جلاله من إطفاء أسرار هذا الدعاء و وفق له من ينقله و يعمل به و لا يخاف
كثرة الأعداء
و روي أن يوم خامس عشر [من] رجب خرج رسول الله ص من الشعب و أن يوم خامس
عشر من رجب عقد رسول الله ص لمولانا علي ع على مولاتنا فاطمة الزهراء ع عقد النكاح
بإذن الله جل جلاله و في هذا اليوم حولت القبلة من جهة بيت المقدس إلى الكعبة و
الناس في صلاة العصر إلى البيت الحرام.
فصل فيما نذكره من عمل
الليلة السادسة عشر من شهر رجب