اسم الکتاب : إقبال الأعمال - ط القديمة المؤلف : السيد بن طاووس الجزء : 2 صفحة : 636
ليزيد في إكرامك أو وجدت اطلاع أحد على صومك أحلى في قلبك من اطلاع
ربك فاعلم أن صومك سقيم و أنك عبد لئيم و منها أنك تعتبر نفسك في صومها [في يومها]
هل تجدها مع كثرة الصائمين هي أنشط في الصوم لرب العالمين و مع قلة الصائمين أو
عدمهم هي أضعف و أكسل عن الصوم لمالك يوم الدين فإن وجدتها تنشط للصوم عند صومهم و
تتكاسل عند إفطارهم فاعلم أنك تصوم طلبا لموافقتهم و تبعا لإرادتهم و صومك سقيم
بقدر اشتغالك باتباعهم عن اتباع مالك ناصيتك و ناصيتهم و منها أن تعتبر هل صومك
لأجل مجرد الثواب أو لأجل مراد رب الأرباب فإن وجدت نفسك لو لا الثواب الذي ورد في
الأخبار و أنه يدفع أخطار النار ما كنت صمت و لا تكلفت الامتناع بالصوم من الطعام
و الشراب و المسار فأنت قد عزلت الله جل جلاله عن أنه يستحق الصوم لامتثال أمره و
عن أنه جل جلاله أهل للعبادة لعظيم قدره و لو لا الرشوة و البرطيل ما عبدته و لا
راعيت حق إحسانه السالف الجزيل و لا حرمة مقامه الأعظم الجليل و منها أن تعتبر
صومك إذا كان لك سعة و ثروة في طعام الفطور نشطت لسعته و طيبته و إذا كان طعام
فطورك يكفيك و لكنه ما هو بلحم و لا ألوان مختلفة في لذته فتكون غير نشيط في الصوم
لعبادة الله جل جلاله به و طاعته فأنت إنما نشطت لأجل الطعام فذلك النشاط الزائد
لغير الله المالك الأنعام شبهة في تمام الصيام و منها أن تراعي عقلك و قلبك و
جوارحك في زمان الصيام فتكون مستمر النية الخالصة الموصوفة بالتمام و مثال العوارض
المانعة من استمرار النيات كثيرة في العبادات و منها أن تصوم بعض النهار بإخلاص
النية ثم يعرض لك طعام طيب أو زوجة قد تجملت لك و أنت تحبها أو سفر فيه نفع أو ما
جرى هذه الأمور الدنيوية يصير [فصير] إتمام صيام ذلك النهار عندك مستثقلا ما تصدق
متى تخلص منه و توعد [ترعد] عنه و أنت تعلم أنك لو أخدمك غلامك و هو مستثقل لخدمتك
و مستقيل من طاعتك كان أقرب إلى طردك له و هجرانك و تغير إحسانك و منها أنه إذا
عرض لك من فضل الإفطار ما يكون أرجح من صيام المندوب فلا تستحيي [يستحق] من
متابعة مراد علام الغيوب و أفطر بمقتضى مراده و لا تلتفت إلى من يأخذ ذلك عليك من
عباده و مثال هذا أن تكون صائما مندوبا فيدعوك أخ لك في الله جل جلاله إلى طعام قد
دعاك إليه فأجب داعي الله جل جلاله و امتثل أمر رسوله [رسول الله] ص في ترجيح
الإفطار على الصيام و مثال آخر أن تكون صائما مندوبا فترى صومك في بعض النهار و قد
أضعفك عن بعض الفروض الواجبة أو ما هو أهم من صوم المندوب فابدأ بالأهم إلى ترك
الصيام و عظم ما عظم الله جل جلاله و صغر ما صغر من شريعة الإسلام و لا تقل إن
الذين رأوني صائما ما يعلمون عذري في الإفطار يكون صومك في ذلك النهار لأجلهم رياء
و كالعبادة لهم من الذنوب الكبار و منها أنه متى عرض لك صارف عن استمرار النية من
الأمور الدنيوية التي ليست عذرا صحيحا عند المراضي الإلهية فبادر إلى استدراك هذا
الخطر بالتوبة و الندم و إصلاح استمرار نية الإخلاص في الصيام و الاستغاثة بالله
جل جلاله على القوة و التوفيق للتمام فإنك متى أهملت تعجيل استدراك الصلاح
[الإصلاح] صارت تلك الأوقات المهملة سقما في تلك العبادة المرضية أقول و إذا عرض
لك ما يحول بينك و بين استمرار نيتك فتذكر أن كلما ينقلك عن طاعتك فإنه كالعدو لك
و لمولاك فكيف تؤثر عدوك و عدوه عليه و سيدك يراك و إذا آثرت غيره عليه فمن يقوم
لك بما تحتاج إليه في دنياك و أخراك أقول و يكون نية صومك أنك تعبد الله جل جلاله
به لأنه عز و جل أهل للعبادة فهذا صوم أهل السعادة.
فصل فيما نذكره من العمل
لمن كان له عذر عن الصيام و قد جعل الله جل جلاله له عوضا في شريعة الإسلام
اعلم أننا كنا قد ذكرنا و
نذكر فضلا عظيما لصوم شهر رجب و ليس كل أحد يقدر على الصوم لكثرة أعذار الإنسان و
في أصحاب الأعذار من يتمنى عوضا عن الصوم ليغتنم أوقات الإمكان فينبغي أن نذكر ما
يقوم مقام الصيام عند عدم التمكن منه فإن الله جل جلاله بالغ في تركيب الحجة و طلب
إقبال عباده عليه
اسم الکتاب : إقبال الأعمال - ط القديمة المؤلف : السيد بن طاووس الجزء : 2 صفحة : 636