فصل فيما نذكره من كيفية
النية فيما يصام من رجب و غيره من الأوقات المرضية
اعلم أنا كنا ذكرنا في
كتاب المضمار من تحرير النيات للصيام ما فيه كفاية لذوي الأفهام و نقول هاهنا إن
من شروط الصيام و المهام أن تكون ذاكرا قبل دخولك في الصيام أن المنة لله جل جلاله
عليك في استخدامك في الشرائع و الأحكام و تأهيلك لما لم تكن له أهلا من الإنعام و
الإكرام و سعادة الدنيا و دار المقام فأنت تعرف من نفسك أنه لو استحضرك بعض الملوك
المعظمين و شغلك بمهماته و كلامه يوما طول النهار بين الحاضرين سهل عليك ترك
الطعام و الشراب في ذلك اليوم لأجله و اعتقدت أن المنة له عليك حيث أدخلك تحت ظله
و شملك بفضله مع علمك أن الملك ما خلقك و لا رباك و لا خلق لك دنياك و لا أخراك
فلا يحل في العقل و النقل أن يكون الله جل جلاله دون أحد من عباده و قد قام لك بما
لم يقدر عليه غيره من إسعاده و إرفاده و متى نقصت [نقضت] الله جل جلاله في صومك
عما تجده في خدمة الملك من نشاطك و سرورك و اهتمامك و اعتقاد المنة له في إكرامك و
الذنب لك إن ضاع منك صوم نهارك و تكون أنت قد هونت بالله جل جلاله و عملت ما يقتضي
هجرانه لك و غضبه عليك و استعادة ما وهبك من مسارك و مبارك و طول أعمالك أقول و إن
اشتبه عليك صوم إخلاص النيات بصوم الرياء و الشبهات فاعتبر ذلك بعدة إشارات منها
أن تعرض على نفسك حضور الإفطار في ذلك النهار بمحضر الصائمين من الأخيار فإن وجدت
نفسك تستحيي [مستحيا] من مشاهدتهم لإفطارك بين الصيام فاعلم أن في صومك شبهة تريد
بها التقرب إلى قلوب الأنام و منها أن تعتبر نفسك أيما أسر لها و أحب إليها أن
يطلع الله جل جلاله وحده عليها أو تريد أن يعلم بها و يطلع عليها مع الله تعالى
سواه ممن يمدحها أو [و] ينفعها اطلاعه في دنياه فإن وجدت نفسك تريد مع اطلاع الله
عز و جل على صيامك معرفة أحد غير الله تعالى بصومك
اسم الکتاب : إقبال الأعمال - ط القديمة المؤلف : السيد بن طاووس الجزء : 2 صفحة : 635