اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 93
الحجة الثانية: للمعتزلة
على أن المعدوم شيء: و هى أنه لا نزاع فى وجود موجودات،
ممكنة الوجود لذواتها. و لا معنى للممكن الا الّذي يصح عليه الوجود و العدم. و كل
ما كان كذلك، كانت ماهيته ممكنة التقرر، مع الوجود، و مع العدم تارة أخرى. و اذا
عقل تقرر ماهيته مع العدم، ثبت أن المعدوم شيء.
لا يقال: المراد من قولنا: انه يمكن أن يكون معدوما، هو أنه لا يمتنع بقاء
ماهيته متقررة متحققة، و لا يمتنع أيضا بطلان تلك الماهية و خروجها عن كونها ماهية
و حقيقة. فهذا هو المراد من الامكان.
و معلوم أن هذا القدر لا
يدل على أن المعدوم شيء. لأنا نقول: اذا قلنا:
هذه الماهية يمكن بطلانها
و زوالها، فلا شك أن هذه قضية موضوعها:
قولنا هذه الماهية. و
محمولها: قولنا يمكن بطلانها و زوالها. و لا شك أن ماهية القضية مركبة من الموضوع
و المحمول و النسبة الخاصة.
و لا شك أن المركب لا يوجد
الا عند وجود جميع مفرداته. فاذن هذه القضية لا توجد و لا تتقرر الا اذا حصل
موضوعها مقارنا لمحمولها.
فاذا قلنا: الموضوع نفس
تلك الماهية. و جعلنا المحمول امكان بطلان الماهية، كان معنى هذا الكلام: أن هذه
الماهية يمكن تقررها حال بطلانها. و معلوم أن ذلك محال. فثبت: أن كون الممكن ممكنا
يستحيل أن يكون مفسرا بهذا المعنى، بل لا بد و أن يكون مفسرا بأنه يجوز كون
الماهية موصوفة بالوجود، و يجوز كونها خالية عن الوجود. و مهما كان الأمر كذلك،
ثبت أن المعدوم شيء.
الحجة الثالثة: ان كل موجود. فهو اما أن يكون ممتنع الوجود لذاته، و اما أن يكون
متصور الوجود لذاته. سواء كان ذلك الّذي هو متصور الوجود، واجب الوجود أو غير واجب
الوجود. فاذن كونه ممتنع الوجود و كونه متصور الوجود، أمران متقابلان لا واسطة
بينهما. فنقول: امتناع صفة موجودة. اذ لو كان الامتناع صفة موجوده
اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 93