اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 91
الأمر كذلك، كان وجود
اللّه تعالى متقدما على تقرير تلك الماهيات، لوجوب تقدم المؤثر على الأثر. و متى
كان الأمر كذلك، ثبت أن الماهيات بأسرها نفى محض، و عدم صرف فى الأزل. و ذلك هو
المطلوب.
و احتج القائلون: بأن
المعدوم شيء بأمور:
الحجة الأولى: ان المعدومات متميزة فى أنفسها. و كل ما يتميز بعضه عن البعض، فلا
بد و أن تكون فى أنفسها حقائق متعينة. و لا معنى لقولنا المعدوم شيء الا ذلك. و
الّذي يدل على أن المعدومات متميزة بعضها عن البعض حال عدمها وجوه:
الأول: و هو انا نعلم أن غدا تطلع الشمس من المشرق، و لا تطلع من المغرب. و
هذان المطلوعان معدومان فى الحال. و نحن الآن نعلم امتياز كل واحد منهما عن الآخر.
و هذا يدل على وقوع الامتياز فى المعدومات.
الثانى: هو أنا قادرون على الحركة يمنة و يسرة، و لسنا قادرين على الطيران
الى السماء. فقد تميز أحد المعدومين عن الثانى، من حيث ان أحدهما مقدور لنا، و
الآخر غير مقدور لنا. و هذا الامتياز واقع حال العدم. فثبت: وقوع الامتياز فى
المعدومات.
الثالث: هو أنا نجد من أنفسنا أنا نريد أن تحدث لنا أموال و أولاد و خيرات و
سعادات و أن لا تحدث لنا أنواع الأمراض و الآفات، مع كون كل واحد من هذين القسمين
معدوما، فلولا تميز أحد المعدومين عن الآخر، حال كونه معدوما بماهيته المعينة، و
حقيقته المخصوصة، و الا لامتنع كون أحدهما مراد الوقوع، و الآخر مكروه الوقوع.
الرابع: هو أن المعدوم قسمان ممتنع و جائز. و لا شك أن كل واحد
اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 91