اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 53
بيان المقدمة الأولى: أن
الممكن ما تكون ماهيته قابلة للعدم و الوجود، على البدل. و ما كان كذلك، امتنع
رجحان أحد الطرفين على الآخر، الا لمؤثر منفصل.
بيان المقدمة الثانية: أن نقول: الافتقار الى المؤثر، اما أن يحصل حال الوجود، أو حال
العدم. فان حصل حال الوجود، فاما أن يحصل حال البقاء، أو محال الحدوث. لا جائز أن
يحصل حال البقاء. و الالزام أن يكون الشيء حال بقائه مفتقرا الى موجد يوجده. و
الى مكون يكونه، و ذلك محال. لأن ايجاد الموجود، و تحصيل الحاصل محال فى بداهة
العقول. فلم يبق الا أن يكون افتقار الأثر الى المؤثر. اما حاصلا حال الحدوث، أو
حال العدم.
و على التقديرين فانه يلزم
أن يكون كل مفتقر فى وجوده الى المؤثر، فانه يكون محدثا. فثبت: أن كل ما سوى
الواحد ممكن لذاته. و ثبت: أن كل ما كان ممكنا لذاته، فهو مفتقر فى وجوده الى
المؤثر. و ثبت أن كل ما كان مفتقرا فى وجوده الى المؤثر: فاذن يلزم من هذا
البرهان: أن كل ما سوى الواحد، لا بد و أن يكون محدثا. و هذا البرهان يفيد حدوث
الاجسام و الأعراض و العقول و النفوس و الهيولى.
و يفيد أن واجب الوجود
واحد. و هو اللّه جل جلاله- و بالجملة: فهو برهان عظيم واف باثبات أكثر المباحث
الشريفة الالهية.
فان قيل: لا نسلم أن ما سوى الواحد ممكن لذاته. قوله: «لو فرضنا موجودين يكون
كل واحد منهما واجبا لذاته، لكانا متشاركين فى الواجب الذاتى، و متباينين فى التعين،
فحينئذ يكون كل واحد منهما مركبا، و كل مركب ممكن، فحينئذ يكون الواجب لذاته،
ممكنا لذاته» قلنا: لا نسلم أنه يلزم من فرض كون كل واحد
منهما واجبا لذاته، وقوع التركيب. و بيانه من وجوه:
اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 53