اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 35
أن السكون يمتنع أن يكون
أزليا: هو أن نقول: لو كان السكون أزليا، لما جاز، زواله. و قد جاز، زواله. فوجب
أن لا يكون أزليا. و لو كان السكون أمرا عدميا، لما صح هذا الكلام. لأن زوال العدم
فى الأزل جائز بالاتفاق. اذ لو لم يجز ذلك، لبطل القول بحدوث العالم.
فان للمسائل أن يقول: لو
كان العالم محدثا، لكان عدمه أزليا. و لو كان عدمه أزليا، لما زال بسبب طريان
الوجود. و حيث وجد العالم، علمنا: أن عدم العالم ما كان أزليا. فان لم يكن عدمه
أزليا، كان وجوده أزليا، فكان العالم قديما. فثبت: أنه لا يمكننا أن نقول: كل ما
كان أزليا، امتنع زواله بل يجب تخصيص هذه الدعوى بالأمور الوجودية. فيقال: كل ما
كان موجودا فى الأزل، امتنع زواله. فاذا كان كذلك، فحينئذ نفتقر الى اثبات كون
السكون أمرا وجوديا، حتى يستقيم الكلام.
اذا عرفت ذلك، فنقول:
الدليل على أن السكون أمر وجودى:
أنا نرى الجسم الواحد يصير
ساكنا، بعد أن كان متحركا. و بالعكس.
فتبدل هاتين الحالتين. مع
بقاء الذات فى الحالتين، يقتضي كون احدى هاتين الحالتين أمرا وجوديا. و اذا ثبت
ذلك، لزم كون كل واحد منهما أمرا وجوديا. و ذلك لأن الحركة عبارة عن الحصول فى
الحيز، بعد أن كانت فى حيز آخر، و السكون عبارة عن الحصول فى الحيز، بعد أن كان فى
نفس ذلك الحيز. فالحركة و السكون متساويان فى تمام الماهية، و انما الاختلاف
بينهما فى كون الحركة مسبوقة بحالة أخرى، و كون السكون ليس كذلك. و كون الشيء
مسبوقا بغيره، وصف عرضى.
و الأوصاف العرضية لا تقدح
فى اتحاد الماهية. فثبت: أن الحركة و السكون متساويان فى تمام الماهية و الحقيقية.
فاذا كان أحدهما وصفا ثبوتيا، لزم كون الآخر ثبوتيا قطعا. فثبت بما ذكرنا: أن
السكون وصف ثبوتى.
اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 35