اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 347
واجبا، أو لا. فان كان
واجبا كان فعل العبد اضطراريا، لأن حصول القدرة و الداعى ليس بالعبد، و الا لزم
التسلسل. و اذا كان كذلك فعند حصولهما يكون الفعل واجبا، و عند ما لا يكونان
حاصلين كان الفعل ممتنعا، فكان الاضطرار لازما لا محالة.
و أما ان لم يكن حصول
الفعل عند حصول القدرة و الداعى واجبا، فاما أن يتوقف رجحان الفعل على الترك على
مرجح أو لا يتوقف. فان توقف كان حصول ذلك الفعل عند حصول ذلك المرجح واجبا. و إلا
عاد الكلام الأول و لزم التسلسل. و اذا كان واجبا عاد القول بأن حصول الفعل عند
حصول القدرة و الداعى اضطرارى. و أما ان لم يتوقف رجحان الفعل على الترك على مرجح،
كان رجحان الفعل اتفاقيا، بمعنى أنه اتفق حصول هذا الرجحان، لا لمؤثر أصلا، فلا
يكون ذلك الرجحان من العبد. فثبت: أن أفعال العباد اما اضطرارية و اما اتفاقية. و
اذا كان كذلك وجب أن يكون القول بالحسن و القبح العقلى باطلا.
أما على قولنا فظاهر، و
أما على قول المعتزلة فلأن كل واحدة من هاتين الحالتين ينافى الاختيار، و عند
فقدان الاختيار لا يبقى الحسن و القبح.
فان قيل: فهذا الكلام
بتمامه قائم فى الغائب، فينبغى أن لا يصدر من الله تعالى فعل حسن و لا فعل قبيح.
قلنا: قد ذكرنا فى مسألة خلق الأفعال أن صدور الفعل عن القادر، موقوف على المرجح،
و ذلك المرجح هو الإرادة. و الإرادة فى حق العبد محدثة، فافتقرت الى الخالق و
الموجد، فكان هذا المعنى لازما فى حق العبد، بخلاف البارى تعالى، فان ارادته قديمة
أزلية، فاستغنت عن المؤثر. فلم يلزم الجبر فى حقه.
اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 347