اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 338
و الفرقة الثانية من
المخالفين فى هذه المسألة: الثنوية
الذين ينسبون الخير الى
النور، و الشر الى الظلمة. و اعلم: أن النور كيفية قائمة بالجسم. و نحن قد دللنا
على أن الجسم محدث، فكان القول بحدوث النور الّذي هو كيفية قائمة بالجسم أولى.
و قدماء المشايخ أبطلوا
مذهبهم: بأن من قال أخطأت. فقائل هذا القول اما أن يكون هو النور، أو
الظلمة. فان كان هو النور، فان كان صدقا، فالنور قد فعل الشر، و ان كان كذبا- و
الكذب شر- فالنور قد فعل الشر، و ان كان قائل هذا القول هو الظلمة، فان كان صدقا-
و الصدق خير- فالظلمة فعلت الخير، و ان كان كذبا، فالظلمة ما فعلت الخطأ. و ترك
الخطأ خير، فالظلمة فعلت الخير.
الفرقة الثالثة من
المخالفين فى هذه المسألة: المنجمون
الذين يقولون: المدبر فى
هذا العالم السفلى هو الأفلاك و الكواكب. و الّذي يدل على بطلان قولهم: ان
الأفلاك. اما أن تكون بسائط أو مركبة من أجزاء[7] كل واحد منها بسيط فى نفسه. و كل بسيط فانه يحصل له جانبان بحيث
يكون كل واحد منهما مساويا للآخر فى تمام الماهية. و كل ما كان كذلك، فكل ما صح
على أحد جانبيه صح على الآخر- بكل ما كان كذلك- فما كان ممسوس يمينه صح أن ينقلب
ممسوس يساره، و بالعكس. و كل ما كان كذلك، فان التركيب و الانحلال جائزان عليه.
فاذن التركيب و الانحلال جائزان على أجرام الفلك و الكواكب. فيلزم من هذه النكتة:
فساد أصول الفلاسفة، اصحاب المجسطى فى أجرام الفلك. و يلزم القول بافتقارها فى
ذواتها و صفاتها و أشكالها الى تقدير فاعل مختار.