اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 295
الحجة الثالثة: قوله تعالى كَلَّا إِنَّهُمْ
عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ [المطففين 15] ذكر
كون الكفار محجوبين عن الرب سبحانه و تعالى فى معرض التحقير لشأنهم. و هذا يقتضي
أن يكون المؤمن المعظم مبرأ منه.
الفصل السادس فى حكاية
شبه المعتزلة فى انكار الرؤية و الجواب عنها
اعلم: أنهم يتمسكون بوجوه
عقلية، و بوجوه نقلية.
أما الشبه النقلية
فأربع:
الشبهة الأولى: التمسك بقوله تعالى: لا تُدْرِكُهُ
الْأَبْصارُ [الأنعام 103] اعلم أنهم تارة يتمسكون بهذه الآية فى بيان أنه تعالى
لا يراه أحد، و أخرى فى بيان أنه يمتنع أن يراه أحد.
أما الوجه الأول: فتقريره أن نقول: الادراك المضاف الى البصر هو الرؤية و الابصار،
بدليل: أنه لا يصح اثبات أحدهما مع نفى الآخر، فلا يصح أن يقال: رأيته و ما أدركته
بعينى، و أن يقال:
أدركته بعينى و ما رأيته.
و هذا يدل على أن ادراك البصر و الرؤية شيء واحد. اذا ثبت هذا فنقول: انه تعالى
نفى أن يدركه أحد من الأبصار. و هذا يتناول جميع الأبصار فى جميع الأوقات. و ذلك
يقتضي أن لا يراه أحد فى شيء من الأوقات.
و اما الوجه الثانى: فهو أنه تعالى يمدح نفسه بأنه لا يدركه شيء من الأبصار، و كل ما
كان عدمه مدحا كان وجوده نقصا. و النقص على اللّه تعالى محال. فوجب أن تكون الرؤية
ممتنعة على اللّه تعالى.
اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 295