الحجة الثانية و العشرون: قال آخر:
و اذا نظرت أليك من ملك
و البحر دونك. زدتنى نعما
وصف نفسه بكونه ناظرا الى الملك حال ما كان البحر حائلا بينهما. و ذلك لا يحتمل الرؤية. فعلمنا: أن المراد هو الانتظار.
الحجة الثالثة و العشرون: قال البعيث:
وجوه بهاليل الحجاز على النوى
الى ملك زان المغارب ناظرة
أثبت: أن «بهاليل» الحجاز ينظرون الى ملك المغرب. و ذلك لا يحتمل الرؤية، بل يحتمل الانتظار.
الحجة الرابعة و العشرون: قال بعضهم:
و يوم بذى قار، رأيت وجوههم
الى الموت من وقع السيوف نواظرا
و المراد: الانتظار لأن الموت لا خلاف فى أنه لا يرى.
لا يقال: المراد من الموت الرجل القتال، كما فى قوله:
انى أنا الموت.
لأنا نقول: لا شك أن تسمية الرجل القاتل بالموت، مجاز.
فلا يصار إليه الا عند الضرورة.
الحجة الخامسة و العشرون: قول «الأبيوردى» فى صفة عين ممدوحه:
هى التى لا تزال الدهر ناظرة
الى العلى، و لزوار، و فى كتب
فقوله: ناظرة الى العلى. معناه كونها طالبة للعلى و متوقعة له.
فجملة هذه الوجوه الأول: دالة على أن النظر المقرون بحرف الى ليس للرؤية و هذه الوجوه الأخيرة دالة على أنه للانتظار.
لا يقال: قد اشتهر من علماء اللغة أنهم قالوا: النظر اذا لم يكن مقرونا بحرف الى، أفاد الانتظار، يقال نظرته أى انتظرته.
أما اذا مقرونا بحرف الى، فانه ليس للانتظار.