اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 284
و أما الشعر:
فقول النابغة:
و ما رأيتك الا نظرة عرضت
يوم الامارة. و المأمور معذور
استثنى النظر عن الرؤية،
فوجب أن يكون النظر من جنس الرؤية.
و قال آخر:
نظرت الى من حسن الله وجهه
فيا نظرة كادت على وامق: تقضى
و معلوم: أن الّذي يقضى
على الوامق: هو رؤية المعشوق، لا تقليب الحدقة نحوه.
و أما الذين أنكروا كون
النظر المقرون ب «الى» مفيدا للرؤية. فقد احتجوا بخمسة و عشرين وجها:
الحجة الأولى: قوله تعالى: «وَ تَراهُمْ
يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ، وَ هُمْ لا يُبْصِرُونَ»
[الأعراف 198] وجه الاستدلال من وجهين.
الأول: انه أثبت النظر و نفى الأبصار. و هذا يدل على أن النظر غير الأبصار:
الثانى: أنه تعالى حكم بأنه يرى نظرهم إليه.
و لا شك أن الرؤية لا ترى.
و لما كان النظر مرئيا، و الرؤية غير مرئية، و الرؤية غير مرئية، وجب أن لا يكون
النظر هو الرؤية.
فان قيل: انه تعالى أثبت النظر للأصنام بقوله تعالى:
«وَ تَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ» و لا شك أنه لم يحصل
للأصنام تقليب الحدقة الى جهة المرئى، فوجب أن لا يكون النظر عبارة عن تقليب
الحدقة.
قلنا: النظر هاهنا مفسر بالتقابل. يقال: جبلان متناظران، أى متقابلان. و
هذا المعنى كان حاصلا للأصنام.
الحجة الثانية: قوله تعالى فى صفة الكفار: «وَ لا
يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ» [البقرة 77] نفى كونه تعالى ناظرا
إليهم، و لا شك أنه كان يراهم، فيلزم أن يكون النظر غير الرؤية.
اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 284