اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 279
السؤال الثالث:
قال «أبو الهذيل» يحتمل أن
يقال: ان موسى عليه السلام كان عالما بالدلائل العقلية، أنه تمتنع رؤية الله
تعالى.
فسأل الله الرؤية، حتى
يرى[6] الدلائل السمعية المانعة من الرؤية،
فتصير الدلائل السمعية و العقلية متعاضدة متوافقة. و كثرة الدلائل توجب زيادة
الطمأنينة، و قوة اليقين، و زوال الشك. و لهذا السبب أكثر الله تعالى فى القرآن من
ذكر الدلائل الدالة على التوحيد و الصفات.
السؤال الرابع:
قال بعضهم: لم لا يجوز أن
يقال: ان موسى عليه السلام ما كان فى ذلك الوقت عالما بامتناع الرؤية على الله
تعالى؟
و هذا و ان كان مستبعدا،
الا أنه غير مستحيل[7]
و يدل عليه وجوه:
أحدها: ان كل صفة من صفات الله تعالى، لا يتوقف على معرفتها العلم بصحة
النبوة. ثم لم يبعد أن لا تكون تلك الصفة معلومة للأنبياء عليهم السلام. و كونه
تعالى بحيث يمتنع رؤيته، لا يتوقف على العلم به، العلم بصحة النبوة. فعلى هذا لا
يمتنع أن تكون هذه الصفة غير معلومة لموسى عليه السلام.
الثانى: ان المشهور من أهل السنة أنهم يجوزون المعاصى على الأنبياء عليهم
السلام حال نبوتهم. فاذا جوزوا ذلك، فلم لا يجوز هذا الجهل.
الثالث: مذهب أهل السنة أنه يحسن من الله تعالى جميع الأشياء.
و اذا كان كذلك لم يبعد أن
يقال: ان الله تعالى ما أمره بمعرفة هذه الصفة. و على هذا التقدير لم يكن ذلك عبثا
فى حق موسى عليه السلام.