اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 278
«أَرِنِي أَنْظُرْ
إِلَيْكَ» [الأعراف 143] و لو كانت الرؤية ممتنعة على الله تعالى، لما سألها.
و لهم عليه اعتراضات:
السؤال الأول:
قال «الكعبى»: لم لا يجوز
أن يكون المراد من قوله «أَرِنِي»
أن يظهر الله أحوالا تفيد العلم الضرورى، بوجود الصانع؟ و اطلاق لفظ الرؤية على
العلم الضرورى الجلى، مجاز مشهور.
السؤال الثانى:
قال «أبو على» و «أبو
هاشم»: ان موسى عليه السلام انما سأل الرؤية لا لنفسه بل لقومه. و الدليل عليه:
قوله تعالى: «لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً» [البقرة 55] ثم ان موسى عليه السلام أضاف ذلك السؤال الى نفسه، حتى
يكون ذلك السؤال أولى بالاجابة و لما منعه الله تعالى، كان ذلك أقوى فى الدلالة
على منع الغير.
لموسى عليه السلام: «لَنْ تَرانِي» و المتشابه هو «وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ» و هو يحتمل معنيين: الأول: رؤية ذات الله. و الثانى: رؤية نعمه و
خيراته. و لأنه متشابه يجب رده الى المحكم. و المتفق مع المحكم هو
المعنى الثانى. و من المتشابه: «إِنَّهُمْ عَنْ
رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ» اما عن ذاته، فيثبت أن
المؤمنين يرونه. و اما عن رحمته. فتنتفى الرؤية. و المتفق مع المحكم هو حجب
الرحمة. و فى التوراة مثل ما فى
القرآن بالمعنى عن الرؤية بالمحكم و المتشابه. فقد قال الله لموسى: «لا يقدر أحد
أن يرانى و يعيش» و منع عنه رؤيته. و قال أشعياء: «حقا أنت إله محتجب يا إله
اسرائيل» و فى الإنجيل: «الله لم يره أحد» و لم يجوز رؤية الله من أهل الكتاب الا
النصارى. ذلك لأنهم يزعمون أن الله ظهر فى الجسد. و هذا الجسد هو جسد المسيح عيسى
بن مريم عليه السلام.
اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 278