اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 267
لاعتقادهم أنه جسم و فى
مكان. و هم متفقون على أنه تعالى لو لم يكن جسما، و لم يكن فى مكان، فانه يمتنع
وجوده، فضلا عن رؤيته.
اذا عرفت هذا، فنقول:
القول بامتناع رؤية هذا الموجود.
اما أن ندعى فيه: أنه
معلوم بالبداهة، أو ندعى فيه: أنه معلوم بالاستدلال.
اما دعوى البداهة
فباطلة. و يدل عليه وجوه: الحجة الأولى: ان البديهى متفق
عليه بين العقلاء. و هذا غير متفق عليه. فلا يكون بديهيا.
الحجة الثانية: انا اذا عرضنا على عقولنا: رؤية هذا الموجود، بالتفسير الّذي
لخصناه، و عرضنا على عقولنا: أن الواحد نصف الاثنين، لم نجد القضية الأولى فى قوة
هذه الثانية.
الحجة الثالثة: ان حكم الوهم. و الخيال فى معرفة اللّه تعالى، اما أن يكون مقبولا
أو لا يكون مقبولا. فان كان مقبولا لا يمتنع اثبات ذات منزهة عن الكمية و الكيفية
و الجهة. و المعتزلى يسلم أن ذلك باطل.
و ان لم يكن مقبولا، لم
يكن حكم الوهم بأن ما كان منزها عن الجهة، كان غير مرئى: واجب القبول. لأن الوهم و
الخيال لما صار كل واحد منهما مردود الحكم فى بعض الأحكام، لم يبق الاعتماد عليهما
فى شيء من المواضع.
و بالجملة: فان كان حكم
الوهم حقا، كان الحق مع المجسم.
و ان كان مردودا، كان الحق
معنا. أما المعتزلى، فانه يرد حكمه فى اثبات التجسيم و الجهة، و يقبل حكمه فى
مسألة الرؤية. فكان كلامه متناقضا.
اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 267