اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 246
احداها: ان السلطان اذا أمر «زيدا» أن يأمر عموا بشيء، فقد يكون «زيد»
كارها لصدور ذلك الفعل من «عمرو» الا أنه يأمره لأجله أن السلطان أمره بذلك. فههنا
الأمر حاصل، و الإرادة غير حاصلة.
ثانيها: ما ذكره أصحابنا- رحمهم الله- من أن الرجل اذا ضرب عبده، فشكى العبد
ذلك الى السلطان، فقال السلطان لم ضربت عبدك؟ فقال: انه لا يطيعنى، ثم لأجل هذا
العذر قال للعبد: افعل كذا و كذا. فالأمر قد حصل هاهنا. مع أنه لا يريد اقدامه على
ذلك الفعل، لأنه لو أقدم عليه لما تمهد عذره عند السلطان.
و ثالثها: انه تعالى لما أخبر عن أبى جهل و أبى لهب أنهما يموتان على الكفر. و
النبي عليه السلام- ما كان يريد الايمان منهما لأن من لوازم صدور الايمان منهما،
دخول الكذب فى الكلام الله تعالى. و مريد الشيء مريد لما هو من لوازمه و من ضروراته.
فثبت: أنه عليه السلام ما كان يريد الايمان منهما، و كان صلى اللّه عليه و سلم
يأمرهما بالايمان، فعلمنا: أن الأمر قد يحصل بدون الإرادة. و أما أن الإرادة قد
تحصل بدون الأمر فظاهر. فان الانسان قد يصرح بذلك. و يقول: أريد منك أن تفعل هذا.
الا أنى لا آمرك به.
فثبت بهذه الوجوه: أن هذا
الطلب القائم بالنفس و الاقتضاء الموجود فى القلب: أمر مغاير للارادة.
و أما الخبر الذهنى: فنقول: لا شك أن قولنا باللسان «قام زيد» و «ضرب عمرو» يدل على حكم
ذهنى، و اسناد عقلى. و هذا الحكم الذهنى و الاسناد العقلى: ظاهر أنه ليس من جنس القدرة
و الإرادة، انما الّذي يقع فيه الاشتباه أن يقال: ان هذا الحكم الذهنى هو الاعتقاد
أو العلم. فاذا بينا بالبرهان أنه ليس الأمر كذلك، ظهر أن
اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 246