المسألة السّابعة عشرة فى كونه تعالى متكلما و الكلام فى هذه المسألة مرتب على فصلين:
الفصل الأول فى حقيقة الكلام
اعلم [1]: أن الانسان اذا أراد أن يقول: اسقني الماء. فانه قبل أن يتلفظ بهذا اللفظ، يجد فى نفسه طلبا و اقتضاء لذلك الفعل.
و ماهية ذلك الطلب مغايرة لذلك اللفظ.
و الّذي يدل عليه وجوه:
الأول: ان ماهية ذلك الطلب لا تتبدل باختلاف الأزمنة و الأمكنة.
و الألفاظ الدالة على هذا المعنى تختلف باختلاف الأزمنة و الأمكنة.
الثانى: ان جميع العقلاء يعلمون بالضرورة أن قول القائل «افعل» دليل على ذلك الطلب القائم بالقلب. و لا شك أن الدليل مغاير للمدلول.
الثالث: ان جميع العقلاء يعلمون بالضرورة. أن قول القائل «افعل»: لا يكون طلبا و أمرا، الا عند اصطلاح الناس على هذا
[1] كان يجب على المؤلف أن يذكر حد الكلام. ثم يذكر لفظ الكلام على الحقيقة، و لفظ الكلام على المجاز. و فى هذه الحالة يعلم المقصود بسهولة.