اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 207
الفصل الثانى فى بيان أن
اللّه تعالى مريد
اتفقت الأمة على اطلاق هذا
اللفظ. الا أنهم اختلفوا فى معناه فذهب «حسين النجار» الى أن معناه: أنه تعالى غير
مغلوب و لا مستكره. فجعل كونه تعالى مريدا، وصفا سلبيا. و قال «أبو القاسم
البلخى»: معنى كونه مريدا لأفعال نفسه: أنه موجد لها، و معنى كونه مريدا لأفعال
غيره: أنه آمر بها. و قال «أبو الحسين البصرى»: معنى كونه مريدا لأفعال نفسه أنه
دعاه الداعى الى ايجادها. و معنى كونه مريدا لأفعال غيره: أنه دعاه الداعى الى
الحث عليها، و الترغيب فى فعلها. و لعل مذهب «أبى القاسم البلخى» هو هذا.
و مذهبنا:
أن كونه تعالى مريدا: صفة
زائدة على كونه تعالى عالما- و هذا مذهب جمهور البصريين من المعتزلة- لنا: انا
وجدنا بعض أفعال اللّه تعالى متقدمة، و بعضها متأخرة مع أن ما تقدم، كان يجوز فى
العقل أن يتأخر، و ما تأخر كان يجوز فى العقل أن يتقدم. و اذا كان كذلك، افتقر ذلك
التقدم و التأخر، الى مرجح و مخصص، لامتناع حصول الرجحان لا عن مرجح. ثم نقول: ذلك
المرجح اما القدرة أو العلم أو صفة أخرى. لا جائز أن يكون هو القدرة. لأن خاصية
القدرة: الايجاد. و ذلك بالنسبة الى جميع الأوقات على السوية. و لا جائز أن يكون
هو العلم.
لأن العلم بالوقوع تبع
للوقوع. فلو كان هو تبعا لذلك العلم، لزم الدور. فثبت: أنه لا بد من شيء آخر،
يكون مخصصا و مرجحا سوى القدرة و العلم. و ظاهر أن الحياة و الكلام و السمع و
البصر لا تصلح
اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 207