اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 199
ابن الحكم» و مذهب «أبى
الحسين البصرى» كأنه لا يتمشى الا بالتزام هذا المذهب.
و احتج «هشام بن الحكم»
على هذا المذهب بوجوه:
الأول: لو كان تعالى عالما فى الأزل بجميع الجزئيات التى توجد فى لا يزال،
لكان عالما بكل ما يصدر من الناس من أفعالهم، و عالما بما لا يصدر عنهم. و كل ما
علم اللّه تعالى وقوعه، كان واجب الوقوع، و كل ما علم اللّه تعالى و عدم وقوعه،
كان ممتنع الوقوع.
فيلزم: أن يقال: جميع
أفعال الخلق اما واجبة الوقوع أو ممتنعة الوقوع. و لو كان الأمر كذلك، لم يكن
لشيء من الحيوانات قدرة على الفعل.
لأن الّذي كان معلوم اللّه
تعالى أنه يوجد، يكون واجب الوقوع.
و الّذي علم أنه لا يصدر
منه، يكون ممتنع الوقوع. و لا قدرة البتة لا على ما يكون واجب الوقوع، و لا على ما
يكون ممتنع الوقوع. و هذا يقتضي أن لا يكون للّه تعالى قدرة البتة، و أن لا يكون
لشيء من المخلوقات قدرة البتة، و أن تكون التكاليف و بعثة الرسل كلها عبثا ضائعا،
و أن يكون الوعد و الوعيد و الثواب و العقاب كلها عبثا و جورا. و هذا يبطل القول
بالربوبية.
لأن نفى القدرة عن اللّه
تعالى يبطل القول بالربوبية، و يبطل القول أيضا بالعبودية. لأن العبد اذا لم تكن
له قدرة على العبودية، كان الأمر و النهى عبثا، و اذا كان الأمر كذلك، وجب أن
يقال: انه تعالى كان عالما فى الأزل بذاته و بصفاته و بماهيات الأشياء و حقائقها و
صفاتها، و أما العلم بالأشخاص و أحوالها المتغيرة فذلك لا يحصل الا عند دخولها فى
الوجود، حتى تندفع هذه الاشكالات.
اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 199