اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 183
الشرط ان كان قديما، لزم
أيضا قدم العالم. و ان كان حادثا، كان الكلام فيه كما فى الأول. فيفضى الى
التسلسل. و هو أن يكون كل حادث مسبوقا بحادث آخر قبله. و ذلك قول بحوادث لا أول
لها.
و قد أبطلناه فى مسألة
حدوث الأجسام. فثبت: أن القول بكونه تعالى موجبا بالذات، يفضى الى هذه الأقسام
الباطلة، فيكون باطلا، و اذا بطل هذا، ثبت: أنه تعالى قادر فاعل مختار.
فان قيل: وجود العالم فى الأزل اما أن يكون جائزا أو ممتنعا.
فان كان جائزا فحينئذ يلزم
قدم العالم. و على هذا التقدير ليس لكم أن تقولوا بأن قدم العالم محال. لأن هذا
التقدير هو تقدير أن قدم العالم ليس بمحال. و اما ان كان قدم العالم محالا، فنقول:
ان العلة الموجبة قد يتخلف عنها أثرها عند تخلف الشرائط، أو حصول الموانع. و من
أقوى الشرائط: كون المعلول فى نفسه ممكن الوقوع:
و من أقوى الموانع: كونه
ممتنع الوقوع. فلم لا يجوز أن يقال: ان اللّه تعالى موجب بالذات، لوجود العالم،
الا أنه لم يوجد العالم فى الأزل. لأن تحقق الأزل كالمانع من وجود العالم، فلما
زال المانع، حصل المعلول؟
و الّذي يحقق هذا
السؤال: هو أن القدرة. و ان لم تكن موجبة لوجود الفعل عنها، الا أنها موجبة
لصحة وجود الفعل. ثم انه تعالى قادر فى الأزل مع أن صحة الفعل غير حاصلة فى الأزل.
و لا جواب لكم عن هذا السؤال، الا أن تقولوا: القدرة توجب صحة الفعل، بشرط عدم
المانع. و الأزل مانع من هذه الصحة. و لهذا المعنى حصلت القدرة فى الأزل، مع أنه
لم تحصل صحة الفعل فى الأزل. و اذا صح منكم هذا الجواب فى القدرة، فلم لا يصح مثله
فى جانب الموجب؟ ثم نقول: لم لا يجوز أن يقال: انه تعالى موجب
اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 183