اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 169
بأنه كان واقعا. و هذا
تصريح بتغير هذه التعلقات. و يقولون أيضا:
ان قدرته كانت متعلقة
بايجاد الموجود المعين، من الأزل. فاذا وجد ذلك الشيء، و دخل ذلك الشيء فى
الوجود، انقطع ذلك التعلق، لأن الموجود لا يمكن ايقاعه. فهذا اعتراف بأن ذلك
التعلق قد زال.
و كذا أيضا: الإرادة
الأزلية كانت متعلقة بترجيح وجود شيء على عدمه فى ذلك الوقت المعين، فاذا ترجح
ذلك الشيء فى ذلك الوقت، امتنع بقاء ذلك التعلق، لأن ترجيح المترجح[2] محال.
و أيضا: توافقنا على أن المعدوم لا يكون مرئيا و لا مسموعا، فالعالم قبل أن
كان موجودا لم يكن مرئيا، و لا كانت الأصوات مسموعة. و اذا خلق الألوان و الأصوات
صارت مرئية و مسموعة. فهذا اعتراف بحدوث هذه التعلقات. و لو أن جاهلا التزم كون
المعدوم مرئيا و مسموعا، قيل له: اللّه تعالى هل كان يرى العالم وقت عدمه معدوما،
أو كان يراه. وجودا؟ لا سبيل الى القسم الثانى. لأن رؤية المعدوم. موجودا غلط. و
هو على اللّه تعالى محال. ثم اذا أوجده فانه يراه. موجودا لا معدوما. و الا عاد
حديث الغلط. فعلمنا: أنه تعالى كان يرى العالم وقت عدمه معدوما، و وقت وجوده
موجودا. و هذا يوجب ما ذكرناه.
و أما الفلاسفة: فهم مع أنهم أبعد الناس فى الظاهر عن هذا القول، هم قائلون به. و
ذلك لأن مذهبهم: أن الاضافات موجودة فى الأعيان. و على هذا، فكل حادث يحدث، فان
اللّه تعالى يكون موجودا معه. و كونه تعالى مع ذلك الحادث، وصف اضافى حدث فى ذاته.