اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 128
و الجواب: مرادنا من الامكان هو كون الشيء بحيث يجوز أن يستمر على ما كان
عليه قبل ذلك، و يجوز أن لا يبقى على ما كان عليه قبل ذلك. و اذا ظهر مرادنا من
لفظ الامكان، زالت الشبهات المذكورة.
و اذا عرفت هذا، فنقول:
بقاؤه على ما كان عليه قبل ذلك، غير ممتنع. و عدم بقائه أيضا على ما كان عليه قبل
ذلك غير ممتنع أيضا. و لما جاز الأمران، امتنع رجحان أحدهما على الآخر، الا لمرجح.
الا أنه يبقى عليه أن يقال: لم لا يجوز أن يكون محدث الأجسام محدثا، و ان كان
قديما. و لكنه جائز الوجود لذاته، الا أن الموجود كان به أولى؟ و عند هذا نفتقر فى
بيان كونه تعالى واجب الوجود لذاته، الى الرجوع الى ما ذكرناه فى البرهان الأول.
الطريق الثانى فى تقرير
هذا البرهان: أن نقول، الأجسام محدثة، و كل محدث فهو محتاج الى المحدث، من غير
تعرض لكون ذلك المحدث جائزا، أو واجبا- و أكثر مشايخ المتكلمين كانوا معولين على
هذه الطريقة- ثم لهؤلاء طريقان:
الأول: الذين قالوا: العلم باحتياج المحدث الى المؤثر: علم ضرورى. قالوا: و
الّذي يدل عليه أن كل من رأى بناء رفيعا و قصرا مشيدا، اضطر الى العلم بأن له
بانيا و صانعا، حتى أن من جوز حدوث ذلك البناء، لا عن فاعل و بان: كل محكوما عليه
بالجنون، فعلمنا: أن هذه المقدمة بديهية.
الثانى: الذين قالوا بأن هذه المقدمة استدلالية- و هم أكثر شيوخ المعتزلة ك
«أبى على» و «أبى هاشم»- و طريقهم: هو أنهم يثبتون كون العبد موجدا لأفعال نفسه،
ثم يثبتون: أن أفعالنا انما افتقرت إلينا، لأنها حدثت بعد أن كانت معدومة. و عند
هذا يظهر
اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 128