اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 127
أيضا. و اما أنه لا يجوز
أن يكون الموصوف بالامكان هو موصوفية الماهية بالوجود، لأن الّذي ذكرناه فى
الماهية و فى الوجود، عائد بعينه فى موصوفية الماهية بالوجود. فثبت: أن القول
بامكان الوجود غير معقول سواء قلنا: الوجود عين الماهية، أو قلنا: انه غيرها.
الحجة الثانية: انا لو فرضنا شيئا من الأشياء ممكن الوجود، لكان ذلك الامكان، اما
أن يكون موجودا أو معدوما. لا جائز أن يكون موجودا، للوجوه الكثيرة التى ذكرناها
فى الجواب عن شبه الفلاسفة فى قدم الأجسام، و لا جائز أن يكون معدوما، لأن الشيء
بتقدير أن يكون ممكن الوجود، كان موصوفا فى نفسه بالامكان. و ذلك الامكان رافع
للامتناع، و الامتناع عدم. و رافع العدم ثبوت. فوجب أن يكون الامكان أمرا ثبوتيا.
و لما كان القول بكون الشيء ممكن الوجود، يقتضي أن يكون الامكان اما أن يكون وصفا
سلبيا، أو وصفا وجوديا. و كان القسمان باطلين، فكان القول بكون الشيء ممكن الوجود
باطلا.
الحجة الثالثة: انا اذا قلنا: الشيء يجوز أن يكون موجودا، و يجوز أن يكون معدوما:
يقتضي تقرر ذلك الشيء حال وصفه بكونه معدوما. و هذا يقتضي كون المعدوم شيئا. و
أنتم لا تقولون به.
و أيضا: القائل بأن المعدوم شيء، لا يمكنه القول بالامكان. و ذلك لأن
الامكان على هذا التقدير، اما أن يكون وصفا للماهية، أو وصفا للوجود.
لا جائز أن يكون وصفا
للماهية، لأن الماهية يستحيل عليها الانقلاب و التغير، فلا يعقل كون الامكان وصفا
لها. و لا جائز أن يكون وصفا للوجود، لأن الوجود قبل تجدده و حدوثه، ما كان ثابتا
و لا متعينا. و الامكان عندكم ثابت قبل الحدوث. و اذا كان كذلك، امتنع القول يجعل
الامكان صفة للوجود.
اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 127