اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 105
وقت معين، طلب لحدوثه علة
و سببا. و ذلك يدل على أن افتقار رجحان الجائز الى المرجح أمر مقرر فى بداهة
العقول.
القول الثانى: ان هذه المقدمة برهانية. و أحسن ما قيل فى هذا المقام: ان الاستواء
و الرجحان متناقضان متنافيان، و لما ثبت أن ماهية الممكن مقتضيه للاستواء، فلو حصل
الرجحان أيضا، لاجتمع النقيضان و هو محال.
و عندى: أن هذه الحجة
ضعيفة. لأن التناقض انما يلزم لو كانت الماهية مقتضية للاستواء أو مقتضية للرجحان
أيضا. أما من يقول:
الماهية مقتضية للاستواء.
و أما الرجحان فانه حصل لا لعلة البتة، لا لذاته و لا لغيره، لم يلزم التناقض على
هذا القول. و الأقوى أن يقال: الممكن هو الّذي يكون العدم و الوجود بالنسبة إليه
على التساوى، و الشيء الّذي يكون كذلك، امتنع أن يدخل فى الوجود، الا بعد أن يصير
وجوده راجحا على عدمه. و ذلك الرجحان يجب أن يكون صفة لشيء آخر سابق على وجوده،
فيمتنع أن يكون محل ذلك الرجحان، هو وجوده. لأن ذلك الرجحان لو كان صفة لوجوده،
لكان متأخرا عن وجوده. لكنا قد بينا أنه متقدم على وجوده. فيحصل الدور، و هو محال
فاذن ذلك الرجحان، يجب أن يكون صفة لشيء آخر، يلزم من وجوده. و ذلك هو المؤثر.
فثبت: أن كل ممكن فهو مفتقر الى المؤثر.
و يمكن تقرير هذه
المقدمة بناء على قول الفلاسفة من وجه آخر:
و ذلك أنهم قالوا: الزمان
يمتنع أن يكون له مبدأ و منتهى. لأنا لو فرضنا للزمان أولا، لكان عدمه سابقا على
وجوده بالزمان. و السبق بالزمان لا يحصل الا مع وجود الزمان فيلزم أن يقال: الزمان
كان موجودا قبل أن كان موجودا. و ذلك محال.
اسم الکتاب : الأربعين في أصول الدين المؤلف : الرازي، فخر الدين الجزء : 1 صفحة : 105