اسم الکتاب : الاقتصاد في الاعتقاد المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 102
القطب الثالث (في أفعال اللّه تعالى و جملة أفعال جائزة
لا يوصف شيء منها بالوجوب)
و ندعي في هذا القطب سبعة أمور: ندعي أنه يجوز للّه تعالى
أن لا يكلف عباده، و أنه يجوز أن يكلفهم ما لا يطاق، و أنه يجوز منه إيلام العباد بغير
عوض و جناية، و أنه لا يجب رعاية الاصلح لهم، و أنه لا يجب عليه ثواب الطاعة و عقاب
المعصية، و أن العبد لا يجب عليه شيء بالعقل بل بالشرع، و أنه لا يجب على اللّه بعثه
الرسل، و أنه لو بعث لم يكن قبيحا و لا محالا بل أمكن اظهار صدقهم بالمعجزة، و جملة
هذه الدعاوى تنبني على البحث عن معنى الواجب و الحسن و القبيح، و لقد خاض الخائضون
فيه و طولوا القول في أن العقل هل يحسن و يقبح و هل يوجب، و إنما كثر الخبط لأنهم لم
يحصلوا معنى هذه الألفاظ و اختلافات الاصطلاحات فيها و كيف تخاطب خصمان في أن العقل
واجب و هما بعد لم يفهما معنى الواجب، فهما محصلا متفقا عليه بينهما، فلنقدم البحث
عن الاصطلاحات و لا بد من الوقوف على معنى ستة الفاظ و هي: الواجب، و الحسن، و القبيح،
و العبث، و السفه، و الحكمة؛ فإن هذه الألفاظ مشتركة و مثار الأغاليط إجمالها، و الوجه
في أمثال هذه المباحث ان نطرح الألفاظ و نحصل المعاني في العقل بعبارات أخرى ثم نلتفت
إلى الألفاظ المبحوث عنها و ننظر إلى تفاوت الاصطلاحات فيها، فنقول: أما الواجب فإنه
يطلق على فعل لا محالة، و يطلق على القديم إنه واجب، و على الشمس إذا غربت إنها واجبة،
و ليس من غرضنا، و ليس يخفى ان الفعل الذي لا يترجح فعله على تركه
اسم الکتاب : الاقتصاد في الاعتقاد المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 102