اسم الکتاب : الاقتصاد في الاعتقاد المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 100
القادر يستدعي مقدورا معلوما لا موجودا فكذلك الآمر يستدعي
مأمورا معلوما موجودا و المعدوم معلوم الوجود قبل الوجود، بل يستدعي الأمر مأمورا به
كما يستدعي مأمورا و يستدعي آمرا أيضا و المأمور به يكون معدوما و لا يقال إنه كيف
يكون آمر من غير مأمور به، بل يقال له مأمور به هو معلوم و ليس يشترط كونه موجودا،
بل يشترط كونه معدوما بل من أمر ولده على سبيل الوصية بأمر ثم توفي فأتى الولد بما
أوصي به يقال امتثل أمر والده و الأمر معدوم و الأمر في نفسه معدوم و نحن مع هذا نطلق
اسم امتثال الأمر، فإذا لم يستبعد كون المأمور ممتثلا للأمر و لا وجود للأمر و لا للآمر
و لم يستبعد كون الأمر أمرا قبل وجود المأمور به، فمن أين يستدعي وجود المأمور؟ فقد
انكشف من هذا حظ اللفظ و المعنى جميعا و لا نظر إلا فيهما، فهذا ما أردنا أن نذكره
في استحالة كونه محلا للحوادث إجمالا و تفصيلا.
الحكم الرابع:
إن الأسامي المشتقة للّه تعالى من هذه الصفات السبعة صادقة
عليه أزلا و أبدا، فهو في القدم كان حيا قادرا عالما سميعا بصيرا متكلما، و أما ما
يشتق له من الأفعال كالرازق و الخالق و المعز و المذل فقد اختلف في أنه يصدق في الأزل
أم لا، و هذا إذا كشف الغطاء عنه تبين استحالة الخلاف فيه.
و القول الجامع أن الأسامي التي يسمى بها اللّه تعالى
أربعة:
الأول: أن لا يدل إلّا على ذاته كالموجود، و هذا صادق
أزلا و ابدا.
الثاني: ما يدل على الذات مع زيادة سلب كالقديم، فإنه
يدل على وجود غير مسبوق بعدم أزلا، و الباقي فإنه يدل على الوجود و سلب العدم عنه آخرا
و كالواحد فإنه يدل على الوجود و سلب الشريك، و كالغنى فانه يدل على الوجود و سلب الحاجة
فهذا أيضا يصدق أزلا و أبدا لأن ما يسلب عنه يسلب لذاته فيلازم الذات على الدوام.
اسم الکتاب : الاقتصاد في الاعتقاد المؤلف : الغزالي، أبو حامد الجزء : 1 صفحة : 100