responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاقتصاد في الاعتقاد المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 99

أن يقوم بذاته قبل وجود المأمور، فإذا وجد المأمور كان مأمورا بذلك الاقتضاء بعينه من غير تحدد اقتضاء آخر، و كم من شخص ليس له ولد و يقوم بذاته اقتضاء طلب العلم منه على تقدير وجوده، إذ يقدر في نفسه أن يقول لولده اطلب العلم و هذا الاقتضاء يتنجز في نفسه على تقدير الوجود.

فلو وجد الولد و خلق له عقل و خلق له علم بما في نفس الأب من غير تقدير صياغة لفظ مسموع، و قدر بقاء ذلك الاقتضاء على وجوده لعلم الابن أنه مأمور من جهة الأب بطلب العلم في غير استئناف اقتضاء متجدد في النفس، بل يبقى ذلك الاقتضاء نعم العادة جارية بأن الابن لا يحدث له علم إلا بلفظ يدل على الاقتضاء الباطن، فيكون قوله بلسانه أطلب العلم، دلالة على الاقتضاء الذي في ذاته سواء حدث في الوقت أو كان قديما بذاته قبل وجود ولده، فهكذا ينبغي أن يفهم قيام الأمر بذات اللّه تعالى فتكون الألفاظ الدالة عليه حادثة و المدلول قديما و وجود ذلك المدلول لا يستدعي وجود المأمور بل تصور وجوده مهما كان المأمور مقدر الوجود، فإن كان مستحيل الوجود ربما لا يتصور وجود الاقتضاء ممن يعلم استحالة وجوده.

فلذلك لا نقول إن اللّه تعالى يقوم بذاته اقتضاء فعل ممن يستحيل وجوده.

بل ممن علم وجوده، و ذلك غير محال، فإن قيل أ فتقولون إن اللّه تعالى في الأزل آمر و ناه، فإن قلتم أنه آمر فكيف يكون آمر لا مأمور له؟ و إن قلتم لا فقد صار آمرا بعد أن لم يكن.

قلنا: و اختلف الأصحاب في جواب هذا، و المختار أن تقول هذا نظر يتعلق أحد طرفيه بالمعنى و الآخر بإطلاق الاسم من حيث اللغة، فأما حظ المعنى فقد انكشف و هو أن الاقتضاء القديم معقول و إن كان سابقا على وجود المأمور كما في حق الولد ينبغي أن يقال اسم الأمر ينطلق عليه بعد فهم المأمور و وجوده أم ينطلق عليه قبله؟ و هذا أمر لفظي لا ينبغي للناظر أن يشتغل بأمثاله، و لكن الحق أنه يجوز اطلاقه عليه كما جوزوا تسمية اللّه تعالى قادرا قبل وجود المقدور، و لم يستبعدوا قادرا ليس له مقدور موجود بل قالوا

اسم الکتاب : الاقتصاد في الاعتقاد المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 99
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست