اسم الکتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين المؤلف : الآمدي، سيف الدين الجزء : 1 صفحة : 516
فمنهم [1]: من عمم و قال: الرب- تعالى- مدرك
[2] بالإدراكات الخمسة [2] طردا للدليل المذكور، غير أنه لا يجوز تعلق الأسباب المقارنة
لهذه الإدراكات في الشاهد عادة بالله تعالى: كتقليب الحدقة/ نحوه، و الإصغاء بالاذن
إلى جهته، و التحرك إليه لقصد إدراكه؛ لكنه لا يطلق عليه هذه الأسماء؛ لعدم ورود الشرع
بها، و هذا هو مذهب الشيخ أبى الحسن الأشعرى.
و منهم من قال [3]: إن باقى الإدراكات لا
تعم كل موجود؛ بل إدراك السمع يختص بالأصوات، و البارى- تعالى- ليس بصوت، و لا الصوت
من صفاته؛ فلا يتعلق به السمع، و الشم يتعلق بالروائح، و الرب- تعالى- ليس برائحة،
و لا الرائحة من صفاته؛ فلا يتعلق به إدراك الشم. و الذوق يتعلق بالطعم، و الرب- تعالى-
ليس بطعم، و لا الطعم من صفاته؛ فلا يتعلق به الذوق.
و اللمس: يتعلق بالكيفيات الملموسة، و الرب-
تعالى- ليس بكيفية، و لا الكيفية الملموسة من صفاته؛ فلا يتعلق به إدراك اللمس.
و الّذي يدل على صحة هذا: ما يجده كل عاقل
في نفسه من التفرقة بين هذه الإدراكات، و لو اتحدت في الإدراك؛ لوقع الالتباس بين الإدراكات؛
و هو محال. و هذا هو مذهب عبد الله بن سعيد، و القلانسى و كثير من أصحابنا.
و على هذا. فحصول مثل هذه الإدراكات لله-
تعالى- و اتصافه بها غير ممتنع عقلا. و إن لم يجز إطلاقها عليه؛ لعدم ورود الشرع بها.
و إن حصول الإدراكات المختلفة لمدرك واحد غير ممتنع.
و أما تعلق الإدراكات المختلفة بمدرك واحد
من جهة واحدة؛ فممتنع كما بيناه.
و أما انتفاء الرؤية من وقتنا هذا: فإنما
يلزم منه انتفاء جواز تعلق الرؤية بالله- تعالى- أن لو لم يقدر ثم مانع يمنع من الرؤية،
و لا مستند لهم في حصر الموانع غير البحث، و السير؛ و هو غير يقينى كما سبق [4].
[1] هو الإمام الأشعرى رضى الله عنه انظر
اللمع ص 61- 67، و الإبانة ص 18، 19. [2] فى ب (مدركا بجميع الإدراكات الخمس). [3] القائل عبد الله بن سعيد الكلابى، و
القلانسى، و غيرهم. انظر اللمع للأشعرى ص 62- 63. ثم انظر ما أورده الشهرستانى في الرد على
هذا الاعتراض في نهاية الأقدام ص 265- 366. [4] انظر ل 39/ ب.
اسم الکتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين المؤلف : الآمدي، سيف الدين الجزء : 1 صفحة : 516