اسم الکتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين المؤلف : الآمدي، سيف الدين الجزء : 1 صفحة : 517
كيف: و أنه من المحتمل أن يكون المانع من
الإدراك تكدر النفس بالشواغل البدنية، و انغماسها في الرذائل الشهوانية، و عند صفوها
في الدار الأخرى [1]، و زوال كدورتها بانقطاع علائقها [2]، و انفصال عوائقها [3] يتحقق
لها ما كانت مستعدة لقبوله، و متهيئة لإدراكه.
و إن سلمنا انتفاء الموانع مطلقا، فلا نسلم
وجوب تعلق الرؤية و وقوعها؛ لجواز أن لا يخلقها الله- تعالى- كما سلف بيانه.
و ما ذكروه من الاستشهاد بالصورة المذكورة؛
فغير ممتنع عدم الرؤية فيها عقلا. و إن كان ممتنعا عادة كما سبق.
ثم كيف ينكر ذلك مع [4] ما قد ورد من الأخبار
[4] المتواترة الصادقة عن النبي الصادق بما أوجب لنا العلم/ بأنه كان عليه السلام يرى
جبريل، و يسمع كلامه عند نزوله عليه، و من هو حاضر عنده لا يدرك شيئا من ذلك: مع سلامة
آلة الإدراك، و انتفاء الموانع.
و أما الإشكال الأخير فمندفع بما حققناه
من امتناع اشتراط المقابلة، و كل ما ذكروه من الشروط؛ فإن الإدراك مع ذلك غير ممتنع.
كيف و أن هذا بعينه لازم على من اعترف منهم
بأن الله- تعالى- يرى نفسه، و يرى غيره؛ فما هو جوابه في رؤية الله- تعالى- للغير؛
هو الجواب في رؤية الله- تعالى- برؤية غيره.
و أما الحجة السمعية:
فقوله [5]- تعالى-: رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ
إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي وَ لكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ
فَسَوْفَ تَرانِي [6]. و وجه الاحتجاج به من وجهين [7]:
[1] فى ب (الآخرة). [2] فى ب (العلائق). [3] فى ب (العوائق). [4] فى ب (مع ما ورد في الأخبار). [5] فى ب (فى قوله). [6] سورة الأعراف 7/ 143. [7] هذه الآية الكريمة استدل بها الأشاعرة
على جواز الرؤية. و استدل بها المعتزلة على نفيها. انظر المغنى 4/ 161- 162. و ما أورده
الآمدي هنا على أنه شبه. أورده القاضى على أنه حجج. ثم انظر المغنى أيضا 4/ 217-
220 حيث يورد هذه الحجة بأنها شبهة و يرد عليها. أما إجابته عنها: فهى الشبه التى أوردها
الآمدي هنا؛ ليرد عليها.
ثم انظر الأصول الخمسة ص 262- 265.
اسم الکتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين المؤلف : الآمدي، سيف الدين الجزء : 1 صفحة : 517