اسم الکتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين المؤلف : الآمدي، سيف الدين الجزء : 1 صفحة : 482
الحجة الثالثة: أن طريق معرفة واجب الوجود،
إنما هو وجود الممكنات، و وجوب إسنادها إلى موجود واجب؛ قطعا للتسلسل، و الدور، و ليس
في ذلك ما يدل على كنه حقيقته، و معرفة ماهيته، و كل ما ندركه منه بعد ذلك؛ فلا يخرج
عن الصفات الخارجة عن الذات: كصفات النفس من العلم، و القدرة، و نحوه.
أو الصفات الإضافية: ككونه خالقا، و مبدأ،
و نحوه. أو الصفات السلبية، ككونه ليس بجوهر، و لا جسم، و لا عرض، و نحوه. و كل ذلك
لا يدل على كنه الحقيقة؛ فكانت غير/ معلومة.
الحجة الرابعة: قوله- تعالى-: وَ لا يُحِيطُونَ
بِهِ عِلْماً [1].
و أما القائلون بكونها معلومة؛ فقد احتجوا
بأن قالوا:
لا خفاء بجواز الحكم على ذاته بإثبات صفات
الكمال، و سلب صفات النقص؛ و هذا الحكم فرع تصور المحكوم عليه؛ فإن ما لا يكون متصورا
في العقل لا يكون مصدقا بإثبات حكم له، أو سلبه عنه.
و على هذا: فمن قال إن ذاته غير معلومة؛
يلزمه من هذا الحكم التصديقى أن تكون ذاته معلومة.
ثم اعترضوا على حجج المذهب الأول:
أما الحجة الأولى: فإنها منقوضة بتعلق العلم
بوجوده؛ فإنه غير متناه. و سواء قلنا هو نفس الذات، أو زائد عليها. و مع ذلك لم يمنع
من تعلق العلم به، و كذلك سائر صفاته النفسانية؛ عند المعترف بها.
و أما الحجة الثانية: فقالوا: لا نسلم أن
كل ما نعلمه منه غير مانع من وقوع الاشتراك فيه؛ فإن وجوده معلوم بموافقة الخصم هاهنا،
و بالدليل على ما سبق؛ و هو مانع من وقوع الاشتراك فيه، كما سلف في النوع الأول.
و أما الحجة الثالثة: فحاصلها يرجع إلى إبطال
مدرك من المدارك.
و ليس في ذلك ما يدل على إبطال كل مدرك،
و نفى باقى المدارك بعدم الاطلاع عليها مع البحث عنها؛ غير يقينى، كما سبق.